أكد الفيلسوف كارل بوبر في كتابه الذي جاء تحت عنوان "المجتمع المفتوح وأعدائه" أننا نمتلك الأسباب التي تدفعنا إلى رفض التسامح مع المتعصبين موضحًا أن هناك حدودًا للتسامح.
والسؤال الذي يطرح نفسه على وجه التحديد، هل ينبغي للمجتمع القائم على التسامح أن يجيز فكرة التعصب؟ وماذا لو كان التسامح عن الفعل "أ" سيدمر المجتمع؟ في هذه الحالة، ربما يؤدي التسامح عن الفعل "أ" إلى إفراز نظام فكر جديد يؤدي بدوره إلى التعصب ضد أفكار أية مؤسسة حيوية ولتكن "ب" مثلاً. حقًا، من الصعب تحقيق التوازن في هذا الصدد؛ فالمجتمعات لا تتفق مطلقًا على التفاصيل، كما أن الجماعات المختلفة في المجتمع الواحد غالبًا ما تفشل في الاتفاق على رأي واحد. علاوة على ذلك، تنظر بعض الدول إلى القمع الحالي للنازية في ألمانيا باعتباره شكلاً من أشكال التعصب، بينما تعد النازية في ألمانيا نفسها خير مثال على التعصب الشديد.
ويخصص الفيلسوف جون راولز جزءًا من كتابه المؤثر والمثير للجدل والذي جاء تحت عنوان "نظرية العدالة" للبحث في مشكلة ما إذا كان ينبغي للمجتمع القائم على العدل أن يتسامح مع المتعصب أم لا. كما يعرض أيضًا لإحدى المشكلات ذات الصلة وهي أحقية الفرد المتعصب، في أي مجتمع، في التقدم بشكوى إذا لم تتم مسامحته من عدمها.
ويخلص راولز إلى أن المجتمع القائم على العدل يجب أن يكون متسامحًا وبناءً عليه يجب التسامح مع المتعصب وإلا سيتحول المجتمع في هذه الحالة إلى مجتمع متعصب وغير عادل. ويخفف راولز من وطأة هذا الأمر بتأكيده على أن المجتمع ومؤسساته الاجتماعية لديهم الحق في انتهاج مبدأ تأمين الحماية لأنفسهم ـ الأمر الذي يعتبر بديلاً عن مبدأ التسامح.ومن ثم، يجب التسامح مع المتعصبين ولكن بقدر معين من التحفظ الذي لا يشكل أية خطورة على المجتمع القائم على التسامح ومؤسساته الاجتماعية.
وبالمثل، يضيف راولز قائلاً، في حين أن الجماعات المتعصبة قد تفقد حقها في التقدم بشكوى في حال لم تتم مسامحتها، فإن أفراد المجتمع يحق لهم، بل وربما يكون من واجبهم، التقدم بشكوى نيابة عنهم طالما أن المجتمع في حد ذاته في مأمن من هذه الزمرة المتعصبة. والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية خير مثال على المؤسسات الاجتماعية التي تحمي حقوق المتعصبين؛ حيث إنه كثيرًا ما يكفل حرية الكلام للمنظمات المتعصبة مثل منظمة الـ"كوكلاكس كلان" Ku Klux Klan (وهي واحدة من المنظمات العنصرية التي كانت تقود حملة لإبادة الجنس الأسود في أمريكا الشمالية).