سامح فوزى
السياحة الحلال
الجمعة، 25 يوليو 2008 - 00:18
تعبير جديد ظهر فى المذكرة العاجلة التى بعث بها النائب الإخوانى محسن راضى، إلى كل من مجمع البحوث الإسلامية والدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب، بشأن تهديد وزارة السياحة لمالك فندق "جراند حياة" السعودى الجنسية الشيخ عبد العزيز إبراهيم، بتخفيض تصنيف الفندق من خمسة نجوم إلى نجمتين فقط، نتيجة قراره المفاجئ بعدم بيع وتداول الخمور فى الفندق.
هذه هى إحدى حلقات مسلسل بدأ فى مايو الماضى، عندما أعدم صاحب الفندق، الذى يمتلك قناة العربية وMBC مخزون الخمور فى الفندق، ويقدر بنحو ثمانية ملايين جنيه. منذ ذلك الحين المفاوضات مستمرة بين وزارة السياحة ومالك الفندق، وقد حاول عدد من المستثمرين المصريين والعرب شراء الفندق إلا أن المفاوضات تعثرت.
وقد تحول صاحب الفندق عبد العزيز إبراهيم إلى "بطل قومى"، على غرار شخصية "شريف شكرى" فى فيلم "السفارة فى العمارة"، والذى تحول من مهندس بترول إلى مناضل وطنى. ودشنت حملات على البريد الإلكترونى تدعو إلى مناصرة صاحب الفندق، ومساندته فى وجه وزارة السياحة التى تدعوه إلى ممارسة الرذيلة، والأزهر الصامت عن الشهادة للحق فى مسألة بيع وتداول الخمور.
ولكن ماذا تعنى السياحة الحلال؟ وماذا تعنى السياحة الحرام؟
السياحة الحلال، كما نفهم من مطالب روادها، هى الإكثار من المبيحات بمعنى الأكل والشراب والنوم والراحة، وأن تمتنع شركات الطيران عن تقديم الخمور، وترتدى المضيفات الزى الإسلامى، وتخصص أماكن خاصة للنساء، وتقدم أطعمة "حلال" مذبوحة طبقاً للشريعة الإسلامية. مطالب كلها شكلية، من هنا لا نستغرب أن تلبيها شركات وفنادق غربية، طالما أنها تستطيع أن تجتذب السائح العربى، والخليجى تحديدا، ممن لديه هذه التصورات الدينية. تفعلها سويسرا، على استحياء حتى الآن، من منطلق "خدمة الزبون" لا أكثر. وقد تسير على هذا الدرب شركات أخرى مثلما توقعت مؤسسة "يورو مونيتور" العالمية للأبحاث.
القضية التى اضطرب لها الأستاذ محسن راضى، هى تقديم الخمور فى الفندق، لكنه لم يضطرب للاتجار فى أجساد المصريات، مثلما يحدث من مساخر زواج الكهول العرب بالفتيات المصريات لشهور أو أسابيع أو حتى أيام. هناك قرى فى محافظة الجيزة معروفة بتصديرها هؤلاء الفتيات للعرب، وهناك سماسرة يتكسبون من جراء صفقات بيع الأجساد. ويكفى القول إن المحاكم المصرية استقبلت خلال الشهور الماضية مئات قضايا إثبات النسب رفعتها سيدات، معظمهن من محافظة الجيزة، التى تشتهر بشيوع ظاهرة تزويج الفتيات إلى خليجيين مقابل حفنة من الجنيهات، وبعض المصاغ. بالتأكيد، فى رأى كثيرين أن هذا جزءا من السياحة الحلال، طالما أن هناك عقدا شرعيا يجمع الكهل الخليجى بالفتاة المصرية، ولكن هل القضية فى الورقة والإثبات، أم فى النية والرغبة فى تكوين أسرة والاستقرار؟!.
هذه هى قمة الحرام فى السياحة التى يغض الطرف عنها كثيرون، لأسباب لا تخفى على أحد.
القضية برمتها استعراضية، المطلوب منها تسجيل موقف، لا أكثر. إذا أراد صاحب الفندق طريق الفضيلة، فله أن يتخلص منه، لأن الحياة الفندقية تحوى الكثير من المظاهر التى قد لا يطيقها إذا بحث فى الحلال والحرام، فماذا لو أن هناك زفافا فى الفندق، هل سيمنع الضيوف من الرقص، أو السيدات من ارتداء الملابس القصيرة الشفافة؟ هل العرى حلال وتقديم الخمور حرام؟ لماذا يترك هذه ويحرم تلك؟ ولماذا يسمح بالتدخين؟ أليس هناك حكم شرعى أصدره مفتى الجمهورية السابق بأن التدخين حرام شرعا؟.
بالطبع، إننى أحترم رغبة أى شخص فى أن يشرب الخمر أو لا يشربه. ولا أود أن يوجد شخص فى سياق ما يتعارض مع قناعاته أو مبادئه. هذا حقه، ولكن دعونا من التسميات التى لا معنى لها، وأقصد بذلك "السياحة الحلال".