المرض للجميع والسكانير للمعارف وأصحاب المالخواص ''يخطفون'' المرضى من المستشفياتفي الوقت الذي تندر فيه استفادة المواطن من خدمات أجهزة السكانير ومخابر التحليل والأشعة في المستشفيات العمومية لأسباب واهية، تبقى نفس الخدمات متوفرة باستمرار ودونما أي عائق لدى العيادات الخاصة، والمتمركزة بالذات بالقرب من هذه المستشفيات.
هذا الوضع معيش في مستشفيات العاصمة، ولا يجد المواطن أي تفسير عقلاني للظاهرة التي بدأت منذ سنوات، واستفحلت بشكل مفضوح مؤخرا، بحيث لم يعد بالإمكان تصديق كونها مجرد مصادفات تتكرر.
معظم مخابر المستشفيات وأجهزتها معطلةإذ أن أهم وأكبر المراكز الاستشفائية تتوفر على أجهزة سكانير، لا تعمل أكثر من أسابيع معدودة على طول السنة بحجة أنها معطلة، أما عندما تكون صالحة للاستعمال، فانه لا يمكن الاستفادة من خدماتها إلا بموعد يستدعي الانتظار لأيام وأيام، وان كان وضع المريض مستعجلا.
بالمقابل، تتوفر الخدمة لدى عيادات خاصة قريبة، ولا يحدث أبدا تعطلها رغم كثرة الاستعمال. والمريب أن أطباء القطاع العام، لا يجدون أي حرج في توجيه مرضاهم مباشرة لهذه العيادات. وقد تحوّل الأمر إلى شبه قاعدة، ينصح المريض بموجبها بالعيادة إسميا.
وبنظرة خاطفة، نجد عيادة ''ياكر'' بالقرب من مستشفى القبة حيث ينعدم الجهاز المذكور، وعيادة سالم على بعد أمتار من مستشفى مصطفى باشا، حيث تستقطب المرضى منه مباشرة. أما عيادة ميرة فتتموقع بالقرب من مستشفى ''مايو'' بباب الوادي، وتتلقى الزبائن بنفس الميكانيزم هي الأخرى. في البليدة، هناك العديد من أجهزة السكانير لدى الخواص، بينما يوجد سكانير وحيد بمستشفى فرانتز فانون ظل معطلا لمدة سنوات، وعندما استقدم جهاز آخر أصبح لا يسمح للمرضى المعالجين خارج المستشفى الاستفادة منه. وتفيد شهادات أطباء من هناك، أنهم ينتظرون نتائج فحوصات بعض مرضاهم لمدة تزيد على الشهرين، وهم غير قادرين على توفير 8000 دج مقابل الفحص. وحتى المرضى الذين يتم قبولهم، حسب هؤلاء، لا يستفيدون من الاختبار الأساسي لمرض السرطان، ما يضطرهم في النهاية للتوجه نحو الخواص.
علاوة على هذا، تنقل المصادر اعترافات شخصية لأطباء من تلك العيادات، بأنهم غير مؤهلين لتقديم التشخيص الإشعاعي المطلوب، ما يتسبب في تضليل الطبيب المعالج. و الاستفهام الذي يطرح نفسه من هذه التفاصيل، هو ما خلفية تواجد هذه العيادات على بعد أمتار من المستشفيات العمومية؟ ولماذا ''السكانير العمومي'' معطّل باستمرار أو ينبغي انتظاره لأسابيع، بينما ''السكانير الخاص''، متاح في كل الأوقات وبمجرد الحاجة إليه؟ كما أن طبيبا في مستشفى مصطفى باشا أكد لنا أن الكثير من مسؤولي هذه الأجهزة يلجأون إلى تعطيلها وإرسال المرضى إلى العيادات الخاصة ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة هذه المخابر وعلاقتها بالمستشفيات.