أشرق على الأكوان يا رمضان
فلأنت فيها صبحها الريَّان
أشرق وفجّر في البرية فجرها
إنَّ الوجود إلى السنا ظمآن
أو ما حملت إلى الحياة حياتها
فهدى الحياة وروحها القرآن
ناديت كل العالمين لشرعة
في ظلها تتوحَّد الأكوان
لا لون بل لا جنس فيها سابقٌ
بل بالتقى فيها الفتى يزدان
فيها بلالٌ للشموس مزاحم
والمسلمون بظلها إخوان
وبنورها الإسلام عانق مجده
ولحكمه قد دانت التيجان
هي شرعة طلعت صباحاً زاهراً
فالكون من نورٍ لها مزدان
والرمل أورق بالفوارس والقنا
وتفجَّر الإيمان والفرقان
والليل ليل الجاهلية قد هوى
وهوت على أقدامه الأوثان
والصبح يكتسح الظلام ضياؤه
ويرن في سمع الورى آذان
الله أكبر أي روحٍ قد سرت
فصحا على أنوارها الإنسان
إنَّ الحياة الحقّ في ظل الهدى
قرآن ربي إنه الفرقان
يا أيها الشهر الكريم ومن به
تسمو النفوس ويخشع الوجدان
فالصوم تزكية النفوس وطهرها
ولكبح كل زرية ميزان
والصوم تربية الضمير فمن سما
فيه الضمير تألق الإيمان
كم صائم والصوم منه مبرؤ
وبرجسه يتفاخر الشيطان
صوم الجوارح أن تكف عن الأذى
لا صوم في صوم به أضغان
والصوم صدقٌ وانطلاق عزيمة
في الله يكبو دونها الكسلان
والنصر في بدرٍ وجالوت أما
أزكى عزيمة جنده رمضان
كم صاغ دين الله أعظم قادة
بهم ازدهت وتفاخرت أوطان
في الليل رهبانٌ قيامٌ سجدٌ
وإذا النهار أتى هم الفرسان
تلقاهم القرآن في أخلاقهم
وسلوكهم هم للهدى عنوان
سل أرض أندلسٍ تجبك حضارة
وعدالةٌ غنَّت بها الأسبان
الفتح بالأخلاق قبل سيوفهم
كان الأساس وما بهم عدوان
يا أيها الشعر العظيم تحية
هل منك درسٌ يأخذ الإنسان
في عصرنا عصر الفضاء وذرة
يغلي بعالم عصرنا بركان
والعلم ما هو للسلام وإنما
هو في التقدم يسحق العمران
مقياس حسن الاختراع وخيره
كم من نفوس تأكل النيران
إنَّ الوحوش بغابها قد روعت
وخلا من الغاب القصي أمان
عجبا أيا رمضان ما أنا قائلٌ
عيَّ البيانُ فهل لديك بيانُ
وكأنني بالصوت ملء مسامعي
وهديره رعدت به الآذان
عودوا لينبوع الضياء فإنه
فيه السعادة إنه القرآن