هل يتوقف الإدراك على فاعلية الذات أم الموضوع؟
مقدمة:إدا الإدراك هو تلك الفاعلية العقلية التي نتعرف بواسطتها على العالم الخارجي من حولنا ,ونعقله ونطلع على خواصه ,وادا كانت العملية الإدراكية لها شروط يجب مراعاتها فلقد تضاربت الآراء بين من يرى بأنها شروط نفسية ذاتية ,وبين من يرى بأنها شروط موضوعية ترتبط بطبيعة الموضوع المدرك .فهل الإدراك يتوقف على فاعلية الذات أم على فاعلية
الموضوع؟
محاولة حل المشكلة:الجزء الأول:عرض منطق الأطروحة:
يتوقف الإدراك على فاعلية الذات.
يمثل هده الأطروحة المذهب العقلي الذي ينطلق من مسلمة وهي أن الإنسان يتكون من ثنائية جسم وروح, وان عملية الإدراك تعود إلى نشاط الروح, لان الروح من خصائصها التعقل ومنه فالعقل هو الأساس لعملية الإدراك.
مسلماتهم:إن الاستعدادات العقلية والحالات النفسية وطبيعة الميول كلها عناصر ذاتية تؤثر في الشخص المدرك كما أن لتجاربنا اليومية وخبراتنا المكتسبة دورا هاما في عملية الإدراك حيث يقول جورج بار كلي:إن إدراك المسافات حكم يستند إلى التجربة.فالتلميذ الذي يدخل الامتحان مضطربا يكون إدراكه اقل فاعلية من الذي تكون حالته الانفعالية مستقرة,كما أن الطفل في بداية الأمر لا يميز بين الأشياء ولا يستطيع الحكم عليها لأنه في حالة إحساس فقط ومع النضج العقلي ينتهي إلى الحكم على الأشياء كما إن الطفل العربي يميل إلى رؤية الأشياء من اليمين إلى اليسار لان الكتابة العربية تسير في هدا الاتجاه,في حين الاروبي اعتاد رؤية الأشياء من اليسار إلى اليمين لان الكتابة اللاتينية تبدأ من اليسار إلى اليمين.
مناقشة:لا يمكن نفي دور العقل في عملية الإدراك ولكن في نفس الوقت لا يمكن التقليل من شان الحواس فهي نوافذ العقل على العالم الخارجي.
عرض نقيض الأطروحة:يتوقف الإدراك على فاعلية الموضوع
يتبنى هده الأطروحة الجشطالت الدين يرفضون إرجاع الإدراك إلى العملية الذهنية ويرون بان الإدراك يرجع إلى بنية وتنظيم العالم الخارجي.
مسلماتهم:لا يوجد فرق بين الإحساس والإدراك وان المعرفة أو الإدراك تعود في الأساس إلى بنية العالم الخارجي الذي يوجد على شكل صيغ تفرض نفسها على عقولنا وهده الصيغ تخضع لقوانين الانتظام ومنها :قانون الشكل والأرضية بحيث أن كل شكل يدرك في أرضية,فالقمر يدرك في أرضية هي السماء بالإضافة إلى قانون التشابه وقانون التقارب ,فالأشياء المتشابهة تدرك مجتمعة هكذا.
مناقشة:هده النظرية قللت من فاعلية العقل واهتمت بطبيعة الموضوع وبنيته وأهملت الخبرة وتأثيرها في إدراك الموضوعات فالعقل حين يستقبل موضوع يستجيب له بكل وظائفه.
التركيب:إن عملية الإدراك إنما هي تكامل بين فاعلية الذات من جهة وفاعلية الموضوع من جهة أخرى وأي خلل يصيب إحداهما يجعل المعرفة غاية في الصعوبة.
حل المشكلة:إن إدراك الإنسان للعامل الخارجي هو نتيجة تفاعل الذات المدركة مع الأشياء ونظرا لطبيعة العلاقة بين الجسم والنفس والتي ظلت إشكالا فلسفيا فانه لا يمكن إرجاعها إلى الذات على حساب الموضوع ,لابد من التكامل بينهما.