عاش السيد "كريستوفر رِن"في القرن السابع عشر. وفي الواقع فإنه عاش مرتين في القرن السابع عشر!.حياته الأولى اشتملت على مرحلة النمو والبلوغ وتحصيل التعليم اللائق وتبوء مركز الأستاذية في علم الفلك في كليةْ "غريشام "التابعة لجامعة "أكسفورد".حياته الأولى هذه:استمرت ثماني وأربعين سنة.ثم إذا به يقرر:أنه قد أنجز هذه المرحلة، وأنه كفاه منها ما مضى.وأنه لا يرى داعياً لكي يستمر في هذا المجال ,مكرراَ نفسه.وهكذا، فإنه قرٌر أن يبدأ حياة جديدة مختلفة كلية.لقد قرر أنه بدلاَ من ان يكون عالم فلك، يرقب السماء البعيدة..فإنه سيُنزل هذه السماء الى الأرض، عن طريق بناء الكنائس الجميلة والكاتدرائيات الرائعة!.
فبعد حياته الأولى، التي استدامت ثمانية وأربعين عاماً، توجها بكونه عالِماً وأستاذاً في علم الفلك:خصص السيد كريستوفر المرحلة الجديدة، التي استمرت إحدى وأربعين سنة، من حياته لكي يبني ثلاثاً وخمسين كنيسة وكاتدرائية، ذات روعة وجمال وأبهة وفخامة، بحيث أنها تقف حتى اليوم، كشاهد تذكاري على عظمة هذا الرجل.لقد قام بنفسه بوضعِ التصاميم،والإشراف على تنفيذ بناء كاتدرائية القديس بطرس الرائعة في لندن,والتي خلدت اسمه بخلودها.
بالطبع، يمكنك أن تذهب في نظرتك لسيرة هذا الرجل مذهباًَ فتقول:إن الأمر لا يعدو أن الرجل قد غير مهنته.أما أنا:فلا يزال أن أعتقد أنه عاش حياة جديدة، مختلفة ,عن الأولى، أو على طريقة الرجل الذي كتب عنه، وهو يدعى:جايمس وتكوم رالي وقد كتب، ناسباَ إليه ما يلي:بعد أن عاش الأربعين سنة الأولى من عمره فإنه قد تعلم فن الحياة، فقرر أن يحياها ثانية بطريقة أفضل ".
كذلك يكون السيد "كريستوفر"قد عاش، بحق، حياة جديدة وأفضل ومختلفة.
هذا ليس أمراً نادر الحدوث.فقد تكرر مع كثير من الناس.اننى أذكره هنا لكي أعزز الدليل على الحكمة التي تتكرر على مسامعنا هذه الأيام، التي تقول "لا تكن شديد الالتصاق بالواقع الحاضر!"وهذا هو رجل آخر تمكن من عيش أربع حيوات مختلفة !كان يعرف باسم :د.ألبرت شويتزر .لقد كان دكتوراً في الفلسفة.وقد ألف الكثير من الكتب في هذا الاختصاص.وهذه حياة ناجزة بحد ذاتها.ثم بحث لنفسه عن حياة جديدة في رحاب الدين.فدرس اللاهوت وحصل على درجة الدكتوراه في هذا الموضوع ثم صار راعياً لأبرشية كنيسة الفلسفة القديس في نيقولا في "ستراسبورغ".وهناك بدأ حياته الثانية الجديدة المتميزة.
لكن حياة ثانية، جزيلة النتائج، لم تكفِهِ أيضاً!.لقد استهوته الموسيقى الجميلة..! فإذا به ينكب على دراسة الموسيقى واتقانها..!حتى أنه نال درجة الدكتوراه في هذا المجال.وأكثر من ذلك:فإنه أصبح واحداً من أكبر عازفي الأجواق على الأرغن، وعلى مدى الأزمان!. بعدها شرع في دراسة الطب والجراحة.وما لبث أن نال درجة الدكتوراه الرابعة ,في الطب هذه المرة.وما كان منه سوى أن ودع حياة المجد والشهرة كعازف أرغن في جوق:ليبدأ حياة رابعة، مختلفة كلياً، في مقاطعة "لامبورين "في إفريقيا الأسوائية، حيث مهد فريقه مساحة في وسط غابة عملاقة، محفوفة بشتى أنواع الخطر، مثل خطر الثعابين الكبيرة السامة، والغوريلا، والتماسيح، والأفراد المتوحشين.!في تلك البقعة:بنى المستشفى الخاص به وعاش حياته التي أراد أن يعيشها. هناك وجد العضمة الإ لهية لحياة مبنية على الحكمة الخالدة التي تقول:"إن بركة العطاء خير من بركة الأخذ".
إن معظم الناس يعيشون حياة واحدة فقط.وكثيرون هم الذين يجدون صعوبة في النجاح فيها.وبالتأكيد:من الأفضل أن نستمر في عمل ما نحسن عمله أكثر من سواه، وما يدر أفضل النفع للاَخرين، كما لأنفسنا.أما التغيير، لمجرد التغيير:فإنه قد لا يعدو أن يجر علينا المزيد من الخيبة والتعاسة.
لكن هذا لا يعني أن تستهلك سنوات عمرك، المقذدرة لك، في حياة بليدة وضيعة.ففي مثل هذه الحالة:يحسُن بك، أن تشرع من جديد في عيش حياة ثانية مختلفة.
وتذكر أنه:"ليس عليك أن تكون شديد اللصوق في الواقع الحاضر"
تحيــــــــــــــاتي