Admin Admin
نقاط التميز : 40710 عدد المساهمات : 556 تاريخ التسجيل : 21/03/2009 العمر : 55 مقيم : جزائري العمل/الترفيه : مدير المنتدى / زرع الحسنات
| موضوع: الوسطية تصل قلب الصين الثلاثاء 17 نوفمبر 2009 - 18:52 | |
| القرضاوي يحمل فكر الوسطية إلى الصين | |
موقع القرضاوي/15-11-2009
شيآن (الصين) - أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، خلال افتتاحه منتدى الخبراء العرب والصينيين المقام حاليا في مدينة شيآن (غربي الصين) أن الوسطية التي تبناها منذ نصف قرن وجدت اهتماما كبيرا في الصين وأصبحت تيار عالميا يهتم به الناس في الشرق والغرب.
وقال فضيلته إن المتقابلات التي يراها الناس متضادة، لا تجتمع أبدا، مثل المادية والروحية، الفردية والجماعية، العقل والوحي، الدنيا والآخرة، المثالية والواقعية، هذه الأمور بعض الناس تظن أنها لا تجتمع، لكن مهمة الوسطية أن تجمع بينها في تناسق وتوازن، بحيث تعطي لكل منها حقه بحيث لا تطغى على الجانب الآخر.
وقال القرضاوي خلال المنتدى الذي بدأت فعالياته الخميس وتنظمه جامعة الشمال الغربي بالتعاون مع جامعة الدراسات الدولية الحكومية "سيان" وجمعية تطوير الثقافة والتعليم للأقليات بمقاطعة "قانسو" الصينية: أحمد الله تبارك وتعالى أن أصبحت الوسطية تيارا عالميا يهتم به الناس في الشرق والغرب، وقد تبنيت هذا الاتجاه من نصف قرن في كتابي الحلال والحرام في الإسلام الذي ترجم لمختلف اللغات، الذي تظهر فيه هذه النزعة، وكنت عندما أدعو إلى الوسطية يقول الناس: ليس هناك شيئا اسمه الوسطية.
وأضاف: كل ما جاء به الشرع وقام عليه الدليل نجده وسطا، فأحمد الله أن أصبحت كلمة الوسطية كلمة مستعملة في كل مجتمع علمي، وكل بيئة فكرية. وقامت للوسطية مراكز في الكويت وفي الأردن، وفي قطر، اسموه مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد. ووجدت هنا في الصين اهتماما بهذا الاتجاه، وأحمد الله أنهم نسبوا الحق لأهله. كما فعل الباحث الصيني دين جون الدكتور بجامعة القوميات بشمال غرب الصين، في كلمته "وسطية الإسلام بين النظرية والتطبيق"، واستشهد بفقرات مطولة من كتبي، وكذلك وجدت إحدى الأخوات، الأخت "صفية" تقدمت بدراسة عن الوسطية عند القرضاوي في رسالتها للماجستير.
لكن من الأشياء المهمة – يقول القرضاوي - تحديد المفاهيم، فما هو مفهوم الوسطية؟ حتى لا يفسرها كل فريق بما يحلو له، مفهوم الوسطية فيما أراه: هو الجمع بين المتقابلات في نسق واتزان. الخير هو الأساس
وقال شارحا: بعض الفلاسفة يقولون العالم شر كله، مثل فلسفة "ماني" الذي دعا إلى إفناء العالم، ولكن جاء الإسلام ليقول: العالم فيه الخير والشر، والخير هو الأساس، والشر لاحق، مثل الثلوج التي غطت الصين أمس، وربما كادت تمنعنا من الوصول إلى مقر المؤتمر، لكن كما قلتم: هناك فوائد لهذه الثلوج، للأرض، والزرع، والجو، ومخزون المياه. فالأمر قد يكون في ظاهره شر ولكنه يحتوى على الخير. ومعظم الشر يأتي من قبل الإنسان، فالشر كامن في النفس البشرية.
كذلك النفس البشرية بعض الفلاسفة يقولون: الأصل في الإنسان الشر، الفيلسوف المعروف "هوبز" يقول: الإنسان ذئب مقنع. أي الأصل فيه الشر، والحقيقة أن الإنسان فيه الخير والشر، فيه ملاك وفيه شيطان، والنظرية الإسلامية تغلب الخير على الشر، وتجعل الملاك ينتصر على الشيطان. وليس معنى هذا أن يصبح الإنسان ملاكا لا يخطئ، ولكن المهم أن يغلب الخير على الشر، وإذا ضعف فغلب الشر على الخير ينبغي أن يراجع.
وكان أستاذنا الدكتور عبد الحليم محمود يدرسنا الفلسفة الحديثة في الأزهر، وقد حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا، كان يقول: الفلسفة لا رأي لها، لأنها تقول الشيء وضده، ففيلسوف يقول نعم، وآخر يقول لا، أحدهم يقول بالفكر، وآخر يقول بالعاطفة، وثالث يقول بالمادية، ورابع بالروحانية. كلهم يرد بعضهم على بعض. لذلك الإنسان بحاجة إلى منهج وسطي، والمنهج الوسطي لا يقدر على الإتيان به إلا الله، فهو سبحانه يعرف كيف يضع الأمور مواضعها، ويعطي كلا منها حقها. الإنسان مهما علم، عنده نقص في رؤيته للأشياء، كما يقول الشاعر العربي: قل لمن يدعي في العلم معرفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
نحن لا نعرف من عالمنا إلا 3% و97% ما زلنا نجهله رغم التقدم العلمي الهائل.
الإنسان إذن لا يستطيع أن يضع نظاما وسطيا، لا بد أن يستعين بعلم الله، وبقدرة الله، وبقوة الله عز وجل. ومن هنا وضع الإسلام المنهج الوسط للأمة الوسط، {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}، الأمة الإسلامية أمة وسطا، تستخدم العقل ولا تنسى العاطفة، تعمل للدنيا ولا تنسى الآخرة، {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة}، وكما قال قوم قارون لقارون في القرآن: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}
وكما قال عبد الله بن عمرو بن العاص: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. اعمل للمستقبل، لبناء الحضارة، لعمارة الأرض. وفي الوقت نفسه اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. كما جاء في الحديث: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". هكذا يوازن الإسلام بين الدنيا والآخرة.
فمطلوب من الإنسان أن يعبد الله تبارك وتعالى، ولكن لا ينسى حظ نفسه، وحق أهله، وحق المجتمع. فالإنسان كائن مركب من الطين والروح، فهو كيان مزدوج من الطين والنفخة الروحية، وكل منهما يتنازع الإنسان، ومهمتنا أن نجمع ونوازن بين الأمرين.
وحين بالغ بعض الصحابة في التعبد لله، بصوم النهار، وقيام الليل، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لبدنك عليك حقا". ولأول مرة يسمع الناس من الدين هذه العبارة، فبعض الأديان تعمل على تعذيبه (البدن)، وترى أنك كلما عذبته أعليت من شأن الروح، تجد هذا في المانوية الفارسية، وفي الرهبانية المسيحية، وفي الرواقية اليونانية، وغيرها من الأديان ترى الجور على حق الجسم من أجل الروح.
فمن حق البدن عليك أن تطعمه إذا جاع، وتسقيه إذا عطش، وتريحه إذا تعب، وتقويه إذا ضعف، وتعالجه إذا مرض، وتنظفه إذا اتسخ. هذه حقوق البدن، فليس في الإسلام أن يقوم الإنسان كل الليل، ويقوم كل النهار، "إن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لزوارك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه". هذه هي الوسطية، أن تعطي حق البدن، وحق الروح.
كذلك الإسلام بين المثالية والواقعية، بعض الناس يريد أن يعيش في المثالية، مثلما حدث من بعض الصحابة، أنه يكون عند النبي في حالة من السمو الروحي، فإذا عاد لبيته داعب زوجته، ولاعب أولاده، فظن أن هذا نفاقا، فخرج يقول: نافق حنظلة. فقال له النبي: "يا حنظلة، لو دمتم على الحال التي تكونون عليها لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن ساعة وساعة". التجديد لا التبديد
الإسلام في كل المجالات يقف هذا الموقف.. في عصرنا لو أردنا أن نطبق مبدأ الوسطية، فلا يمكن أن نرقى بمجتمعاتنا إلا إذا جددنا الدين، وبعض الناس ترفض تجديد الدين، ولكن النبي قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها". ولكن ما معنى التجديد؟ وهنا أيضا نقف بين الإفراط والتفريط، نريد التجديد لا التبديد. لا أن نتبع الغرب في كل شيء، كما في الحديث: "حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه".
التجديد أن تبعث الإيمان في القلوب، وتحي الروح من جديد، وتبدع أفكارا جديدة، ومفاهيم خلاقة، وعزائم قويمة، وسلوكا فاضلا. وليس التجديد أن تغير طبيعة الدين. كما يريد الذين قال عنهم "محمد إقبال": إن الكعبة لا تجدد. ميزة هذه الكعبة أنها البيت العتيق، أقدم بيت بني لعبادة الله. ويقول عنهم مصطفى صادق الرافعي ساخرا: يريدون أن يجددوا كل شيء، حتى الدين واللغة، والشمس والقمر.
إن الاجتهاد فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع، لا يمكن أن ننهض بأمتنا إذا ظللنا على كلام القدماء، فالفقهاء القدامى اجتهدوا لعصرهم، ومن واجبنا أن نجتهد لعصرنا، فعندنا مشكلات لم يروها، ولم تخطر ببالهم، وواجبنا أن نضع حلولا لمشكلاتنا من شريعتنا. ولذلك قرر المحققون من العلماء أن الفتوى تتغير بتغير الحال والعرف والزمان والمكان, وقد ألفت كتابا سميته "موجبات تغير الفتوى في عصرنا". وأضفت سبعة موجبات لتغير الفتوى في عصرنا.
بعض الناس يريدون إهمال الفقه القديم، ولا يمكن ترك الفقه القديم والبدء من الصفر، فهذه خبرة تراكمية، وإنما يبني اللاحق على ما تركه السابق، فلا بد أن نستفيد من تراثنا، ونزيد عليه. وهذا منهجي في كتبي، كما في كتابي القديم "فقه الزكاة"، وفي كتابي الحديث "فقه الجهاد". فلابد من الاستفادة من التراث، والاستفادة من العصر، ومن الجمع بين النصوص الكلية والمقاصد الشرعية الكلية.
كذلك موقفنا من الحضارة الغربية أن ننتقي منها، لا أن نتركها كلها كما يقول بعض الناس، لأنها قائمة على المادية والنفعية والعنصرية والاستعلاء والعلمانية. ولكن نأخذ من الحضارة خير ما فيها، لا نرفضها كلها، ولا نأخذها كلها بخيرها وشرها وحلوها ومرها، ما يحب منها وما يكره وما يحمد منها وما يعاب. كما قال طه حسين في مصر، وجميل معلوف في لبنان، وكثير غيرهم
إنما ينبغي أن ننتقي الجانب العلمي والتكنولوجي والإداري، الذي أخذوه منا قبل ذلك، لقد تعلموا منا المنهج التجريبي كما فعل فرنسيس بيكون وروجر بيكون. فقد أخذوه وطوروه إلى أن وصلوا للثوارت العلمية الموجوده عندهم، هم أخذوا منا، ونحن نأخذ منهم خير ما عندهم.
والبشرية في حاجة إلى المنهج الوسطي، في حاجة إلى أن تجمع بين الدين والدنيا، بين العقل والقلب، الروح والمادة، بين الحقوق والواجبات، بين الفردية والجماعية..
وأضرب مثلا بما فعلته الصين، فقد أخذت الحوافز الفردية حتى يعمل الناس بكل طاقتهم، فالإنسان إذا عمل ولم يتملك يحبط، كما أن الملكية المطلقة خطر..
فالوسطية أن تتيح للناس شيئا من الملكية كما تفعل الصين الآن، وأظنها ستزيد من ذلك في المستقبل، حتى تعطي للناس الحوافز للإبداع وإثراء الحياة.. فنحن المسلمين وأنتم الصينيون والعالم كله أحوج ما يكون إلى الوسطية..
تعليق نائب وزير الخارجية الصيني السابق:
وعقب محاضرة الشيخ القرضاوي علق نائب وزير الخارجية الصيني السابق
السيد"يانغ فو تشانغ" بالقول: استفدت كثيرا من المتحدثين، وفهمت أكثر عن الوسطية من كلمتكم أن الوسطية هي الاعتدال والتوازن والسلام، وحين نتكلم عن هذه المعاني نتكلم عنها من موقف القوة لا الضعف، وعندنا في الصين نرى أن كل شيء له وجهين، نأخذ الوجه الخير ونترك الشر، كما تفضل الشيخ القرضاوي، فنحن نأخذ الخير من الغرب، ونترك الشر، ونأخذ الخيرات الكثيرة من المجتمع الإسلامي، لكي نقوي المجتمع الصيني، ونثريه. ونرفض الهجوم على الآخر، والعدوان بالقوة، وكل مجتمع له خير وشر. وأنا سعيد جدا أن اسمع النظرية الإسلامية عن الوسطية لأول مرة، خاصة من السيد الفاضل يوسف القرضاوي. | |
| |
|
KHALEDZINO عضو متميز
نقاط التميز : 1518 عدد المساهمات : 2220 تاريخ التسجيل : 08/05/2009 العمل/الترفيه : (^_^)
| |