الجزائر لم تستغل سوى 6 أصناف معفاة من الرسوم الجمركية باتجاه أوروبا من مجموع 41
كشف، أمس، النقاش الذي دار بين الممثلين الجزائريين ونظرائهم الأوروبيين عن تباعد في الرؤى والمقاربات حول نتائج اتفاق الشراكة بعد قرابة 4 سنوات من دخوله حيز التنفيذ، مع تركيز الجانب الجزائري على أن الأهداف المتوخاة منه لم يتم تحقيقها لحد الآن، فيما اعتمد الطرف الأوروبي رسائل مشفرة لتوضيح بأن الكرة في المرمى الجزائري وأن عليهم الاستفادة من الفرض المتاحة لهم.
وجه مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة، السيد زعاف شريف، انتقادات ضمنية لمسار اتفاق الشراكة والوضع الذي آل إليه، معتبرا، خلال ملتقى إطلاق برنامج دعم تطبيق اتفاق الشراكة بإقامة الميثاق، أن الاتفاق لم يحقق الأهداف المتوخاة منه بعد 4 سنوات من دخوله حيز التنفيذ في سبتمبر .2005
وأشار المسؤول نفسه إلى أن ''تطبيق كافة بنود الاتفاق سيمتد إلى 2017 للوصول إلى منطقة التبادل الحر، وبالتالي فإن هذه المرحلة تبقى حاسمة، خاصة وأن الوضع الحالي يتميز بعدد من الخصوصيات''.. ليستطرد ''لقد تم اعتماد لجنة تقنية دائمة لمتابعة اتفاق الشراكة على مستوى الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، ويتم حاليا متابعة المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد أهم شريك تجاري. وقد ارتفعت الواردات الجزائرية من الاتحاد من 11.2 مليار دولار عام 2005 إلى 8,20 مليار دولار عام 2008، أي بنسبة زيادة تقدر بـ86 بالمائة. كما ارتفعت واردات المنتجات الفلاحية من 1.2 مليار دولار عام 2005 إلى 2,2 مليار دولار عام 2008، فيما ارتفعت الواردات الجزائرية من المواد الصناعية من أوروبا من 9.8 مليار إلى 17.7 مليار دولار في نفس الفترة، بالموازاة مع استهلاك سنوي لأهم المنتجات المعفاة من الرسوم والتعريفات الجمركية ضمن نظام الحصص''.
بالمقابل، لم تجن الجزائر الكثير من الاتفاق رغم المزايا التي تستفيد منها، وهو ما لمحت إليه سفيرة الاتحاد الأوروبي في الجزائر، السيدة لورا بايزا، حينما أكدت بأن ''أوروبا أعفت المنتجات الجزائرية من كافة الرسوم دفعة واحدة مقابل تدرج في إعفاء المنتجات الأوروبية، فضلا على إفساح مزايا أخرى كان بإمكان الطرف الجزائري استغلالها''، إلا أن الوضع، حسب ما اعترف به السيد زعاف شريف، مغاير، إذ أن الصادرات خارج المحروقات وإن ارتفعت من 552 مليون دولار عام 2005 إلى 1.2 مليار دولار عام 2008، فهي تظل في غالبيتها عبارة عن مواد منجمية ومشتقات بتروكيميائية وبترولية، فضلا على ذلك فإن ''نظام الحصص ذات المزايا الخاصة، أي المنتجات التي تستفيد من الإعفاء من الرسوم والتعريفات الجمركية لدى دخولها السوق الأوروبي، لم تستهلكها الجزائر بصورة شبه كاملة، فمن مجموع 41 صنفا أو حصة لمواد يمكن للجزائر تصديرها دون رسوم بكميات محددة، لم تستغل الجزائر سوى ستة أصناف وبنسب قليلة لم تتجاوز 10 بالمائة، وتتمثل في الخمور والعجائن والكسكسي ومواد زراعية. ويبقى الميزان التجاري لصالح الأوروبيين، حيث مقابل دولار واحد تصدير نستورد من أوروبا 20 دولارا، وعليه فإن أهداف اتفاق الشراكة بعيدة عن المأمول وهي بنسبة كبيرة بسبب عدم قدرة الجانب الجزائري لحد الآن على الاستفادة من المزايا التي تستفيد منها دول أخرى''.
من جانبه اعترف توفيق ميلات، مدير التعاون مع الاتحاد الأوروبي بوزارة الخارجية، أن الجزائر لم تتمكن بعد من تنويع صادراتها باتجاه الاتفاق الأوروبي، وأن نسبة استغلال حصصها ضعيف، إلا أن الشيء الإيجابي أن كل التنبؤات الكارثية لم تتحقق بعد سريان اتفاق الشراكة''.
ومن جانب آخر، انتقد المسؤولون الجزائريون نظراءهم الأوروبيين بالإبقاء على عدد من المصاعب في وجه المصدّرين الجزائريين من بينها فرض شروط تقنية وتنظيمية، كما انتقدوا ضعف الاستثمارات الأوروبية المباشرة وقلة الشراكة مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة''. وعلى ضوء هذا ذلك، تم اعتماد دراسة معمقة لمعرفة آثار اتفاق الشراكة، حيث سيتم الشروع في تطبيق برنامج مشترك لمتابعة تطبيق اتفاق الشراكة يتضمن مصاحبة المؤسسات والهيئات والإدارات الجزائرية ودعمها، من خلال ميزانية تقدر بـ10 مليون أورو، ثم لاحقا 24 مليون أورو، موازاة مع برنامج عام ما بين 2007 و2010 خصص له مبلغ 220 مليون أورو. ويتضمن البرنامج عدة برامج لصالح الهيئات والإدارات والوزارات. وقد وجهت سفيرة الاتحاد الأوروبي في الجزائر ورئيس وحدة البرامج المتعددة في مديرية أوروبا البحر المتوسط، خورغي دو لاكاباليريا، رسائل مشفرة، مشيرين إلى أن ''تطوير المؤسسات منها الخاصة يمر عبر تأهيل وتطوير وضمان فعالية المؤسسات العمومية والإدارات''.
وقد التحقت الجزائر بمجموعة تضم 11 دولة أخرى تستفيد من برامج مماثلة للدعم والمتابعة لتطبيق اتفاق الشراكة التي تدعمت بآليتين: الأولى ''التوأمة'' التي تتضمن تجنيد موارد مالية وخبرة بطلب من أي إدارة أو هيئة جزائرية، وتشمل الدراسات والتكوين والتأهيل وحتى التجهيز. والثانية تعرف بعمليات المساعدة التقنية العمومية وتبادل المعلومات وعددها 30، وتمكن المؤسسات والهيئات من الحصول على العديد من المعطيات. وقد شرعت عدة وزارات في تقديم عروض سيتم دراساتها من قبل مجموعة عمل مشتركة جزائرية وأوروبية.