طالما اتهم ملح الطعام بكونه المسبب الرئيسي لارتفاع ضغط الدم، لكن بعض العلماء باتوا الآن يشككون في هذا الأمر، وإن كانوا يؤكدون أن أسلم الطرق الغذائية هي الاعتماد على الأغذية الطازجة والتقليل من الأغذية المعالجة.
منذ وقت طويل، وملح المائدة متهم بأنه وراء ارتفاع ضغط الدم، الأمر الذي بات بعض العلماء الآن يشككون فيه. وبعيدا عن الخلاف بشأن ملح الطعام، فإن توازن السوائل في جسم الإنسان وامتصاص الغذاء يعتمدان على الملح الذي يحافظ على الضغط في بطانة الأوعية الدموية، وهو ما يوضحه شتيفان بيشوف أستاذ الطب الغذائي في جامعة هوهنهايم في ألمانيا. يقول بيشوف إن الملح يساعد في عملية مرور العناصر الغذائية إلى الخلايا وخروج المخلفات منها، كما أنه مهم في أمور منها نقل النبضات العصبية والحركات العضلية وكثافة العظام. ويضيف بيشوف قائلاً : ''يعمل الملح أيضا على احتفاظ الجسم بالماء''، مشيرا إلى أن نقص الملح قد يؤدي إلى الإصابة بالجفاف.
يشار إلى أن الإنسان البالغ يحتاج إلى ما لا يقل عن 1.4 جرام من الملح يوميا لتعويض النقص الطبيعي في الملح في الجسم. وقد يؤدي التعرق أو الإسهال إلى زيادة هذه الحاجة. ويشير كارل لودفيج ريش، أستاذ الطب الطبيعي وإعادة التأهيل في جامعة دريسدن إلى أن ''العرق يحتوي على ما بين 0.8 و1.3 جرام من ملح الطعام في اللتر الواحد''.
النساء يستهلكن الملح أقل من الرجال
وعموما فإن ما يتناوله المرء من الملح يزيد عن الحد الأدنى المطلوب يوميا بعدة مرات. فالرجال في ألمانيا مثلا يستهلكون 8.78 جرام من الملح يوميا في المتوسط، أما النساء فيستهلكن 6.33 جرام، وفقا لما جاء في المسح الغذائي الوطني الثاني الذي قام بإجرائه معهد ماكس روبنر (إم.آر.آي)، ومقره كارلسروه، وهو مؤسسة بحثية اتحادية متخصصة في التغذية والغذاء.
يوضح إريس ليمان، المتحدث باسم المعهد أن: ''من أسباب الاختلاف في ذلك أن النساء يأكلن قدرا أقل من منتجات اللحوم المملحة''. ومنتجات اللحوم المملحة مثل النقانق والسلامي يوجد الملح بها بنسبة 3.1 جرام في كل مائة جرام، وهي بالطبع ليست المصدر الوحيد للملح. ومن أكثر الأغذية ملوحة بعض أنواع الجبن. من ناحية أخرى، تحتوي الأغذية المعالجة والمعبأة على نسبة عالية من الملح، حسبما يؤكد البروفيسور فالتر تسيديك مدير مركز النيفرولوجي في مستشفى جامعة شاريت في برلين.
هل الملح برئ من تهمة رفع ضغط الدم؟
فإلى أي مدى إذن يعد الملح صحيا؟ ليس من السهل الرد على هذا السؤال، فالنسبة المقياسية المحددة من قبل الجمعية الألمانية للتغذية (دي.جي.إي) ومقرها بون هي ستة جرامات يوميا للمراهقين والبالغين والحد الأقصى المسموح لهم به هو عشرة جرامات. يقول آنتيي جال المتحدث باسم دي جي إي: ''تجاوز هذا المقدار قد يؤدي في حالات فردية إلى آثار سلبية على الصحة''.
ويكشف التدرج المحسوب هذا عن أن تناول الملح لم يعد عموما يرتبط بارتفاع ضغط الدم. يلاحظ ريش أنه ''لا توجد دراسة موثوق بها تثبت أن تناول الملح باعتدال لدى الإنسان السليم يساهم في الإصابة بارتفاع ضغط الدم''. ويقول إن هناك كثير من الأسباب الممكنة لارتفاع ضغط الدم و''طرق كثيرة لخفضه أيضا'' من بينها تقليل تناول ملح الطعام وإن كان من أقلها فعالية.
وهنا يشير ريش إلى أن زيادة الوزن بمقدار أربعة إلى خمسة كيلوجرامات تؤثر على ضغط الدم أكثر من أي شيء يمكن تحقيقه بتقليل استهلاك الملح. وليست هناك توصيات واحدة بشأن استهلاك المرء للملح . فتسيدك يرى أن إتباع نظام غذائي به القليل من الملح لن يلحق أذى بأحد بينما يرفض ريش اتباع حمية غذائية صارمة تعتمد على تقليل الملح. ويقول إن الشخص السليم الذي يتمتع بضغط دم طبيعي تماما لا حاجة به إلى أن يشغل باله بمسألة الملح. وعلى أي حال فإن النظام الغذائي الغني بأغذية طازجة والذي تقل به الأغذية المعالجة يمثل على ما يبدو الجانب المأمون.