نفاق مواقف وسياسات الإدارات الأمريكية
واضح للعيان نفاق الإدارة الأمريكية بمواقفها من كل الانتفاضات والثورات و الثورات المضادة.
وكأن هدفها تضليل وخداع الجماهير والشعوب.وحتى الإساءة لهذه الانتفاضات والثورات,و الثورات المضادة.
والأغرب أن الإدارة الأمريكية وإسرائيل وقوى الصهيونية والاستعمار سارعوا لضبط لحن إيقاع سياساتهم ومواقفهم,على حركة هذه الانتفاضات الشعبية, والثورات,و الثورات المضادة, لتحيق مآربهم الخاصة. وربما وجدوا فيها الفرج لخيباتهم وهزائمهم. وفشل سياساتهم,وحتى المخرج لهم من ورطاتهم الإجرامية والإرهابية.
وسارعوا لاستغلال وقت ومكان كل منها,لتنفيذ خطة هنري كيسنجر بتعميم ونشر سياسة الفوضى الخلاقة. وبات كل إنسان يرى بوضوح كيف تتعامل الإدارة الأمريكية وإسرائيل وقوى الاستعمار مع كل منها بصورة منفردة وخاصة ومختلفة ومغايرة عن الأخرى,وبنفاق غريب وعجيب قل أن يجد المرء له مثيلاً.
تتهم الإدارة الأمريكية وقوى الاستعمار بعض الأنظمة العربية بممارساتها القمعية.وتنشر صحيفة الإندبندت البريطانية تكذيباً وتعرية لهذه التهمة,بنشرها تقرير بعنوان (كيف علمت بريطانيا قوات الشرطة كل ما تعرف)ومما كشف عنه التقرير:إنه خلال السنتين الماضيتين قامت الشرطة البريطانية بتدريب رجال الشرطة في كل من ليبيا والبحرين والسعودية وقطر و إمارة أبو ظبي على كيفية مواجهة التظاهرات الشعبية وحالات الاحتجاجات الشعبية الضخمة.وتطالب الإدارة الأمريكية وبعض الحكومات الأوروبية الحكومات العربية بمحاربة الفساد في بلدانها. وكأن هذه الحكومات والمنظمات قد نست كم كانت بعض رموزها وحتى بعض موظفي الأمم المتحدة وأمينها العام السابق متورطون بجرائم الفساد في قرار النفط مقابل الغذاء في العراق.أوفي الكثير من الصفقات التي تمت بينها وبين بعض الدول العربية. وحتى أن بعض كبار الضباط الأمريكيين ثبت تورطهم في الفساد خلال احتلال القوات الأميركية للعراق.حتى أن فضائح فساد بول برا يمر ورموز المحافظين الجدد في العراق كانت تزكم الأنوف في العالم ومدن الولايات المتحدة الأميركية.
في بداية الانتفاضة التونسية, كانت تصريحات رموز الإدارة الأميركية وحكام إسرائيل ووسائط إعلامهما, تشير على أن هذه الانتفاضة فاجأتهما وأخذتهما على حين غرة. وبعد نجاح الثورة المصرية عادت هذه الرموز والوسائط الإعلامية لتنقض تصريحاتها ومواقفها السابقة. وتقول بأنها لم تفاجأ بها. وهذا بعضاً منها:
• تصريح السيدة داليا مجاهد المديرة في جالوب والمستشارة الشرفية للرئيس الأميركي أوباما في صحيفة الأهرام بتاريخ 6 نيسان 2011م. والذي كشفت فيه سر التبدل في الموقف الأمريكي من خلال مؤتمرها الصحفي بالقاهرة.والذي قالت فيه: حاولت إفهام إدارة أوباما بما يجب أن تفعله لصالح مصر.كانت الإدارة الأميركية إلى جانب الرئيس مبارك .فطرحت عليهم الأرقام التي تشير إلى ان المستقبل للشباب.وأن الشباب حددوا ما يريدون وأنهم إذا وقفوا مع مبارك فإنه لن يبقى للديمقراطية وقيم أمريكا في مصر من مصلحة.وحاولت إفهامهم أنهم إذا كانوا يعتبرون أن القاعدة أكبر عدو لهم وكان أول هدف للظواهري هو قلب نظام الحكم في مصر عن طريق العنف,فإنه إذا حقق المصريين هذا الهدف سلمياً نستطيع جميعاً التغلب على فكر التطرف. فاقتنعوا بأن الديمقراطية السلمية في مصر أكبر شيء يستطيع القضاء على القاعدة. وأنها حين سألتها الإدارة الأميركية عما إذا كانت هناك دول أخرى عندها مؤشرات عدم الرضا مثل مصر. فإنها ردت بأن اليمن والبحرين لديهما المؤشرات نفسها من حيث انخفاض الإحساس بالراحة النفسية,وتزايد الإحساس بأن المستقبل لن يكون أفضل. ولكنها رأت أن الإدارة الأمريكية تخاف من نفوذ إيران في الخليج. وهذا التصريح للسيدة داليا مجاهد يفضح سر تبدل الموقف الأمريكي من نظام مبارك.حيث كانت الإدارة الأميركية في الأسبوع الأول من الانتفاضة تستميت دفاعاً عنه.ثم ما لبثت أن بدأت بالاستغناء عنه. مشترطة أن يتوقف التغيير عند حدود الأشخاص فقط.فبات مواقفها متناقضاً مع الموقف الإسرائيلي الذي بقي داعماً لنظام مبارك إلى النهاية.
• وصحيفة نيويورك تايمز الأميركية. نشرت على صفحاتها خبراً. وجاء فيه:أنه في الوقت الذي ضخت فيه الولايات المتحدة الأميركية مليارات الدولارات على حملاتها لمكافحة الإرهاب. عملت معها بالتوازي مجموعة صغيرة من المنظمات الممولة من قبل الحكومة الأميركية بالترويج للديمقراطية في الدول العربية.وأن المسؤولين الأمريكيين رؤوا أن هذه الحملات لعبت دوراً كبيراً في إثارة الاحتجاجات القائمة في بعض الدول العربية أكبر مما كانوا يتوقعونه.وأنه دُرب قادة بارزون لهذه التحركات من قبل بعض الأجهزة ومراكز الأبحاث والدراسات الأميركية والمعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني الأمريكيين.أما ستيفين ماكينيرنري مدير مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط فيعلق على ما نشرته الصحيفة قائلاً: لم نمولهم لبدأ الاحتجاجات,لكننا قد نكون دعمنا تنمية مهاراتهم واستخدامهم لشبكات الاتصال ... ولكن تدريبنا هذا لعب دوراً في النهاية بما حصل ويحصل.لكنها كانت ثورتهم ولم نبدأها نحن.
• وصحيفة الأهرام نشرت بتاريخ 25/3/2011م أن واشنطن تعرض المساعدة على الأحزاب المصرية. وأن مسئول عسكري أمريكي أكد أن بلاده ستعرض على مصر مساعدتها على التحرك نحو الانتخابات.وأشار إلى أن منظمات أمريكية تساعد الأحزاب السياسية الناشئة على تنظيم نفسها.ثم نشرت 11/4/2011م,أن ألمانيا قررت تكوين ملتقى شباب الثورة في معهد غوتة بالقاهرة.علي أن تتحمل الحكومة الألمانية تكاليف تجهيز هذه القاعة. التي يمكن لشباب الثوار اللقاء بصورة دورية في محاولة لدعم التحول الديمقراطي في البلاد.
• مطالبة المستشارة ميركل مصر في 11شباط:عدم المساس باتفاقية السلام مع إسرائيل وحذرت من المساس بالسلام الذي تتضمنه هذه المعاهدة مع إسرائيل حتى بعد التحولات الأخيرة على الساحة السياسية المصرية.
• تصريح أوباما في 5/3/2011م .حين قال: إن القوى التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك يجب أن تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
• تصريح روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الأبيض. حين قال: أياً كانت الحكومة المقبلة في مصر، نتوقع أن تلتزم بمعاهدة السلام التي وقعتها الحكومة المصرية مع إسرائيل.
• المعهد الجمهوري الأمريكي الذي يُمَوَّل من الإدارة الأمريكية,ويرأس مجلس إدارته جون ماكين. والذي صرح رئيسه لورن دبليو كرينر في كلمته أمام لجنة الشئون الخارجية بالكونغرس: من المهم عندما يكون لنا علاقات مع حكومات مستبدة أن نخطط لليوم الذي قد يسقطون فيه عن السلطة وأن نرعى ونغذي من يمكن أن يخلعوهم.و انه يجب أن يكون لنا تواجد في هذه البلدان للمساعدة في بناء مؤسسات ديمقراطية وتوفير بيئة مساعدة للأحزاب السياسية والمجتمع المدني.ليتمكنوا من التنظيم والإعداد,ليأخذوا دورهم في الانتخابات. وهذا المعهد مع معاهد ومراكز أخرى ومؤسسات متعددة, كمؤسسة فريدرش ناومان,ومركز الدراسات الدولية الخاصة. ومؤسسة فريدريش ايبيرت, والوكالة الدولية للتنمية الدولية USAID, و معهد ألبرت اينشتاين الأمريكي, و المؤسسة الدولية لأنظمة الانتخابات,ومركز فريدم هاوس, والمركز الدولي لحقوق الإنسان وترقية الديمقراطية بكندا, و معهد كاتو الأمريكي,و معهد فريزر الكندي, ومؤسسة أطلس للأبحاث الاقتصادية الداعم الرئيسي لمنبر الحرية. تسعى لتجسيد بنشاطاتها وأعمالها ومساهماتها المتعددة تحقيق الأهداف التالية:
1. تأسيس تيار سياسي قوى يتبنى السلام مع إسرائيل والصداقة مع الولايات المتحدة ، ويمثل بديلا سياسيا و منافسا قويا للتيارات الوطنية التي تهدد المصالح الأمريكية الصهيونية .
2. العمل على إضعاف التيارات المعادية لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية,وحصارها وعزلها.
3. دعم أحزاب وتيارات قطرية,ومحاربة الأحزاب والتيارات القومية والتحررية والوحدوية والوطنية.
4. محاربة حركات المقاومة الوطنية,وخاصة فصائل المقاومة التي تعادي إسرائيل وقوى الاستعمار.
5. التركيز على الواجهة الديمقراطية الداخلية فقط،مع تهميش القضايا الاجتماعية والوطنية والعربية.
6. دعم اقتصاد السوق و القطاع الخاص على حساب الدولة و القطاع العام لتمكينه من السيطرة على النظام الاقتصادي و السياسي بصفته الشريك القوى والمطيع للمصالح الغربية والأمريكية.
• وموقع ويكيليكس كشف وثائق أميركية تثبت تقديم إدارتي بوش و أوباما الأموال لدعم بعض قوى المعارضة.وأنهم ساهموا بتدريب وتمويل مجموعات وأشخاص ضالعين مباشرة في الثورات في المنطقة العربية.وذلك من قبل المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني الأميركيين والمنظمة الحقوقية غير الربحية في واشنطن التي تدعى بيت الحرية.
• ومستشار رابين جاك نيريا نشر في موقع مركز جيروزاليم للأبحاث مقال.قال فيه:أن انتهاء دور سوريا كلاعب أساسي سيعوض لإسرائيل أي خسارة محتملة من غياب الرئيس مبارك في مصر.
• والمعلق الإسرائيلي جدعون ليفي كتب في صحيفة هآرتس مقالاً.قال فيه:هناك عضواً جديداً قد أنضم إلى تكتل الليكود هو الرئيس أوباما.وأنه لم ينضم إلى التيار الغالب داخل الحعيب عليك,وإنما إلى الجناح المتطرف جداً. وأنه أخذ مكانه ما بين تزيبي هوتوفلي وداني دانون .وتجاوز بتطرفه دان ميريدور ومايكل ايتان.
• ومقابلة الرئيس محمود عباس المنتهية ولايته على قناة النيل المصرية. ونقلتها وكالة وفا, ونشرتها صحيفة القدس الصادرة في الضفة الغربية.والتي قال فيها:الموقف المصري داعم لنا,ولم أجد أي تغيير.فما كان يقوله عمر سليمان ووزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط في عهد الرئيس محمد حسني مبارك ,قاله لنا القادة الجدد.لقد تغيرت الأسماء ولم تتغير المواقف.وهذا الكلام استخفاف فظ بالثورة المصرية. ومع ذلك سارع نتنياهو ليدحض كلام محمود عباس. ويقول في تصريحه لصحيفة هآرتس: أنا قلق جداً من بعض الأصوات التي بدأنا نسمعها مؤخراً في مصر.وأنا قلق بالخصوص من تصريحات وزير الخارجية المصري نبيل العربي.
• وتصريح الرئيس بارك أوباما بعد لقائه مؤتمر قطر. والذي قال فيه:أود أن أعبر عن تقديري للقيادة التي أظهرها الأمير حمد خليفة آل ثاني بما يتعلق بالديمقراطية في الشرق الأوسط. وتابع قائلاً : ما كنا لنتمكن من تشكيل تحالف دولي موسع لا يضم أعضاء الناتو وحسب.بل دول عربية أيضاً من دون قيادة أمير قطر.والعلامة القرضاوي الذي يقيم في قطر وكذلك فضائية الجزيرة على ما يبدوا تبنيا موقف قطر في دعم هذه الإنتفاضات والثورات أو الثورات المضادة.
• تحول الموقف الأمريكي من صمت ساد الأسابيع الأولى من ثورة تونس,وكذلك الموقف الفرنسي الذي أعتبر نظام بن علي مثالي ,إلى موقف جديد تقدم فيه الثورة التونسية على أنها نموذجاً للثورات العربية الأخرى في المنطقة.حتى أن فيلتمان معاون وزير الخارجية الأميركية ووزير الخارجية الفرنسي باتا يعتبرها النموذج الذي يجب أن يحتذى.
• عرقلة عملية التغيير في اليمن ريثما تتأكد من توفر الضمانات مع البديل لعلي صالح في تحالفه معها في حربها على الإرهاب.ونضوج قيام نظام حكم سياسي فيدرالي جديد يحكم أجزائه الثلاثة اعتماداً على الصيغة الفيدرالية التي تدعمها حالياً في العراق الجديد.
• التصدي لأي تغيير في أنظمة الحكم في دول الخليج وعمان والمغرب والأردن أو في سياساتهم الخارجية. ودعمها تدخل قوات درع الجزيرة لإجهاض انتفاضة جماهير البحرين.
• تحول بعض وسائط الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة إلى غرف عمليات للشحن الطائفي والمذهبي .وحتى لإيقاد بذور الفتن وذر الخلافات في بعض الدول العربية والإسلامية.
• عدم ثبات موقف الإدارة الأميركية على تسمية لهذه الانتفاضات.فتارة تسميها اضطرابات تسود المنطقة. ومرة أخرى تسميها ثورات,ومرة أخرى نزوح الجماهير نحو قيم الحرية والديمقراطية. ومرة أخرى تتهم كلينتون إيران بقولها:إن طهران تحاول استغلال انتفاضات شعوب المنطقة لتحقيق أهدافها. وإشعال اضطرابات على نطاق أوسع .وأنه لا توجد أدلة على تورط طهران في التحريض على الاحتجاجات.لكن واشنطن ترى أنشطة إيرانية للاستفادة منها.
يبدوا أن الإدارة الأمريكية التي تستعد هذا العام لسحب قواتها من العراق,رأت في ركوبها موجة هذه الثورات والانتفاضات والثورات المضادة مناسبة لتحسين صورة بلادها. وللإيحاء بأن غزوها للعراق مبرر.وإن ما هدفت إليه بغزوها إنما هو ما تسعى إليه هذه الثورات التي تشهدها المنطقة. وربما تريد قبل أن ترحل من العراق,أن تدفع بالمنطقة العربية للغرق في كثير من المشاكل والفتن والحروب.وحتى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.كي تضمن الأمن لإسرائيل.والملاحظ أن بعض هذه الانتفاضات شعاراتها وطنية وقومية بامتياز.وبعضها الآخر اقتصرت شعاراتها على الهموم المعاشية.وخلت شعارات بعضها الآخر من الهموم الوطنية والقومية.و كانت شعارات بعضها الآخر دسمة بالفتن الطائفية والمذهبية, وتعج بالعداء لقوى الصمود, ولقوى المقاومة الوطنية.
الأحد: 24/4/2011م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
البريد الإلكتروني: burhanb45@yahoo.com