ضمن إطلالات نادرة لخبراء ومعلقين إسرائيليين، والامتناع عن التعليق على أخبار شبكات التجسس المتساقطة تباعاً في لبنان، وصف الخبير الإسرائيلي في الشؤون الاستخبارية والاستراتيجية، رونين برغمان، موجة اعتقالات شبكة التجسس الإسرائيلية في لبنان، بأنها «ضربة موجعة» بالنسبة إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
أضاف برغمان في تقرير إخباري نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت أمس، أنه «إذا كانت الادعاءات صحيحة، بأن المسألة تتعلق بعملاء إسرائيليين، فإنها ضربة موجعة للغاية». وأشار إلى أن «المشكلة في موجة الاعتقالات الحالية تكمن بالأساس في حجمها، بعد اعتقال عشرات من اللبنانيين المشتبه في تجسسهم لمصلحة إسرائيل».
وبحسب برغمان، الذي يُعَدّ مقرباً من رئيس الموساد الإسرائيلي مائير داغان، فإنّ «من التفاصيل التي نُشرت، يظهر أن شبكات بأكملها قد سقطت، وهو يعكس النقاش الدائر منذ سنوات طويلة في أجهزة استخبارات في أنحاء العالم. فإحدى الرؤى الاستخبارية ترى وجوب تجنيد عميل واحد دون ربطه بغيره من العملاء. وبهذه الطريقة، فإنه إذا ألقي القبض عليه، فلا يمكنه أن يعترف إلا بمعلومات تتعلق به فقط».
وأضاف برغمان أن «الرؤية الاستخبارية الثانية ترى، في حال وجود قدرة محدودة على العمل، تجنيد عملاء وعملاء ثانويين آخرين، لتوسيع النشاط وتكوين شبكة من العملاء»، مشدداً على أن الخطر في لبنان هو «بالطبع أن يؤدي إلقاء القبض على عميل واحد إلى الإيقاع بالشبكة كلها».
ورغم أن برغمان حاول الإشارة إلى أن «كمية المعلومات الكبيرة التي نُشرت لا تمثّل ضماناً لصدقها»، عاد وأكد أن «الإعلام في لبنان حر نسبياً، ويجري عرض المعلومات عن الموضوع بصورة واقعية للغاية».
وكان برغمان قد أشار في مقابلة خاصة لإذاعة الجيش الإسرائيلي، أول من أمس، إلى أن «الأجهزة الأمنية اللبنانية، بالتعاون مع عناصر من حزب الله، تركز على نشر الكثير من التفاصيل حول شبكة العملاء اللبنانيين، وتعرض معدات تجسس كُشفت لدى هذه الشبكة»، لكنه في الوقت نفسه شدد على أنه «إذا حلّلنا ما يجري، ونحن نعلم ذلك، فإن إسرائيل تركز على معرفة ما يجري داخل لبنان، وخاصة بعد الفشل في المعلومات الذي ظهر في حرب لبنان الثانية عام 2006، ولا سيما ما له علاقة بحزب الله، ويمكن القول إننا شاهدنا إنجازات على مستوى جمع المعلومات، وعلى سبيل المثال اغتيال (القائد العسكري في الحزب الشهيد) عماد مغنية في دمشق، الذي ينسب إلى إسرائيل».
وعن تركيز «الجانب الآخر» على مسؤولية الموساد الإسرائيلي دون وحدة الـ504 في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، قال برغمان إنه «في العموم كل ما يحصل خارج إسرائيل، فإنه تلقائياً يُحوَّل ويُرَد إلى الموساد، وعلى حساب أجهزة استخبارات إسرائيلية أخرى».
وعن تشغيل عدد كبير جداً من العملاء في لبنان، أشار برغمان إلى أن «المؤكد أن حزب الله وأجهزة الاستخبارات الإيرانية والسورية تعرضوا لسلسلة من الأحداث، ومنها ضرب المفاعل في دير الزور، واغتيال مغنية، وأيضاً الشخصية المسؤولة عن المهمات الخاصة لدى الرئيس السوري، الجنرال محمد سليمان، الذي تلقى رصاصة في رأسه، وأيضاً أحداث أخرى مشابهة، الأمر الذي دفعهم، وتحديداً حزب الله، إلى العمل على منع التسريب».
وأعرب برغمان عن خشيته على مصير العملاء، وأشار إلى أنه «وفقاً للنظرة الأولى، يمكن القول إن هناك شبكات كهذه، وإذا كانت مفتعلة من إسرائيل، فإنها حرب سرية، وينتج منها ضحاياها، ويمكن هذه الضحايا أن تدفع حياتها ثمناً، لأن عدداً من العملاء الذين أُلقي القبض عليهم سابقاً قتلوا، ولهذه الحرب القائمة ثمنها».
وفي السياق نفسه، قال رئيس مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط، أيال زيسر، في مقابلة إذاعية أول من أمس: «إننا موجودون عشية انتخابات تشريعية في لبنان، تعد مهمة جداً، وهناك مواجهة صعبة جداً بين الحكومة اللبنانية ومعسكر الأخيار ومعسكر الأشرار، أي بين فؤاد السنيورة وحزب الله ومؤيديه»، مشيراً إلى أن «كل جانب يحاول الاستفادة من هذه الأمور، وهناك حديث عن أن اكتشاف هذه الشبكات من الدولة اللبنانية، يعود إلى رغبة منها، وتحديداً من السنيورة، كي تظهر نفسها أنها هي أيضاً خصم لإسرائيل، ما يفسر إعطاءها هذا الحيّز الكبير من التغطية الإعلامية في لبنان».
أضاف زيسر، الخبير في الشؤون اللبنانية والسورية، أنه بخصوص الشبكات المكتشفة أخيراً «لا نعلم أن كلهم عملاء يعملون لمصلحة إسرائيل، وقد يكون البعض منهم كذلك، لكن هناك من ليس له علاقة بإسرائيل، لأن الكل متورط في لبنان، فهناك أيضاً السعوديون والمصريون الذين يريدون الانتقام من حزب الله ومن السوريين ومن الإيرانيين».
وتابع زيسر يقول إن «حكومة السنيورة التي يفترض بها أن تكون ضد حزب الله، والتي يفترض بها أن تكون حليفة للغرب، تقوم بالعمل لمصلحة حزب الله، وهذا من شأنه أن يعلمنا أنه لا يوجد من يمكن الوثوق به في لبنان، إذ لا شك في أن كل ما له علاقة باتخاذ قرارات في هذا البلد، وتحديداً القرارات الأمنية، فإن حزب الله هو المؤثر»، مشدداً على أن ما يجري «تأكيد إضافي أنه لا يمكننا الاكتفاء بالتصريحات الإيجابية للسنيورة، ونقوم بإعادة الغجر إليه».