مقال يستحق الوقوف ، ويستحق خمس دقائق قراءة

نقلا عن صحيفة إماراتية ، قرأت بها المقال المعنون (( سورة القمر دفعت بريطانياً إلى إشهار إسلامه )) والذي يحمل عنوانا جانبيا (( تفريق قرآني دقيق بين الضياء والنور ))
والحقيقة لم يكن عجبا أن يسلم بريطاني أوغيره إذا فهم معاني القرآن العظيم ، وليس غريبا أن يفرق القرآن بين المعاني الدقيقة للمفردات العربية ، وهو الذي نزل بلسان عربي مبين .
كل ما في الأمر أني كثيرا ما أفكر بالفروق الدقيقة بين المعاني والألفاظ خاصة ، وبين أي شيئين متشابهين في هذه الحياة ، فكم قارنت بين الأشياء ، وكم توقفت عن التفكير لعدم وصولي إلى الحقيقة ، وكم قرأت أبحث عن الحقيقة ، وكم تقاعست ونسيت الموضوع ، ولكن أجد في الصحافة أحيانا حلولا لمشكلاتي ، فالصحافة لا يستهان بمتابعتها ، وخصوصا الموضوعات الفكرية ،،،،، والآن أترككم مع المقال فيهو يستحق الوقوف عند كل حرف ....


إن الكون هو كتاب الله المحسوس المفتوح دائما للشهود، من سماته النظام والانضباط والسبح والطواف والإبداع الذي تنطق به روعة الخلق، كل شيء يسير بإحكام وأحكام، فهذه الشموس أو النجوم والكواكب والأقمار تسبَح في كون الله وتسبّح خالقها بطريقتها الخاصة، ومن هذه الأقمار قمر الأرض وما يحتويه من إعجاز إلهي ومعجزات، فيه ما أدركه الإنسان بالعلم بعد اكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، وفيه ما لم يدركه بعد. ففي الوقت الذي لا يفرق فيه العلم التجريبي، رغم ما وصل إليه، بين الضياء والنور، نجد القرآن الكريم يصف الشمس بأنها ضياء، ويصف القمر بأنه نور، كما يوضح الدكتور زغلول النجار أستاذ علوم الأرض في عدد من الجامعات العربية والغربية. ويقول إن الضياء هو الذي ينبثق مباشرة من جسم مشتعل مضيء بذاته، وحين يسقط هذا الضياء على جسم معتم ينعكس نورا.

هذا التفريق الدقيق بين الضياء والنور في قول الله تعالى: “هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا” (يونس:5) قبل ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة، يشهد للقرآن الكريم بالمعجزة العلمية، لأن المنطق السوي يقول: هل كان أحد يستطيع في هذا الزمن البعيد أن يفرق هذا التفريق العلمي الدقيق بينهما إلا الخالق سبحانه وتعالى؟!.

لقد فرق العزيز الحكيم في الآية بين أشعتي الشمس والقمر، في الوقت الذي لا نجد فيه جوابا شافيا للفرق بين الضوء والنور في القواميس اللغوية فهي تعتبرهما شيئا واحدا أو مرادفين لمعنى واحد، ولكن الخالق سبحانه فرق بينهما، ومن العجيب حقا أننا لم نستوعب هذه الدقة الإلهية في التفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر، فكان المفروض أن نسمي الأشعة التي تأتي من مصدر ضوئي مباشر بالضوء، وتلك التي تأتي من مصدر ضوئي غير مباشر بالنور، ولكننا خلطنا بين الضوء والنور في اللغة واقتصرنا في العلوم على استخدام كلمة الضوء ونسينا مرادفها وهو النور.

الضياء والنور

وفي السياق نفسه يقول الدكتور احمد فؤاد باشا أستاذ الفيزياء، نائب رئيس جامعة القاهرة: ورد لفظ الضياء وبعض مشتقاته في القرآن الكريم ليصف أجساما تضيء بذاتها مثل الشمس، بينما جاء لفظ النور وبعض مشتقاته ليؤدي معنى الضياء المنتشر بعد ارتداده من الأجسام المعتمة التي يسقط عليها مثل القمر. وقد تأكد هذا المعنى في الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر الضياء أو النور مثل قوله: “وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا” (نوح:16) وقوله عز وجل: “وجعلنا سراجا وهاجا” (النبأ:13) بمعنى أن الشمس خرج منها ضياء يشبه ضياء السراج الوهاج أي السراج المضيء المتقد اللهب.

وتشير الآيات الكريمة إلى تعريف دقيق لكلمتي الضياء والنور، متحدية فصاحة العرب وبلاغتهم بإعجازها اللغوي، فقد سبق القرآن إلى القول والإخبار بحقائق علمية دقيقة عن الكائنات قبل أن يظهرها العلم بقرون عديدة. كذلك كان العرب وقت نزول القرآن الكريم لا يفرقون بين النجوم والكواكب فكلها في لغتهم من “النيران”، لكن القرآن الكريم فرّق بينها، وبين نور وضوء كل منها، وأوضح ما كان مبهما في عرف اللغة العربية التي لم يتوافر لأهلها وقت نزوله العلم الكافي للتمييز بين الضياء والنور والتفريق بين نوعي النيران من النجوم والكواكب.

وقد استطاع الإنسان بفضل تقدم العلم الحديث أن يعرف بعض الحقائق العلمية التي تعزو انبعاث الضوء والطاقة الحرارية من الشمس والنجوم إلى الطاقة المتولدة من التفاعلات النووية بداخلها، بينما تنير الكواكب والأقمار التابعة لها بما تعكسه أسطحها من ضوء الشمس والنجوم الساقط عليها.

ميزات فريدة

ويقول الدكتور احمد فؤاد باشا: ما اكثر ما اقسم الحق- جل وعلا- بمخلوقاته في القرآن الكريم ليخبر بما تحتوي عليه هذه المخلوقات من أسرار عديدة وإعجازات مبهرة لا حصر لها. ويكشف العلم تدريجيا عن هذه الأسرار والمعجزات الدالة على عظمة القسم الإلهي وقدرة الخالق الواحد.

ولما كانت الأرض تتمتع بميزة وجود قمر وحيد تابع لها، يرافقها طوال رحلة المجموعة الشمسية، فإن هذا القمر بدوره لابد أن يتمتع بميزات فريدة تستدعي عظمة القسم الإلهي في قوله تعالى: “والقمر إذا اتسق لتركبن طبقا عن طبق” (الانشقاق: 18-19). قال ابن عباس: إذا اجتمع واستوى. وقال الحسن: إذا اجتمع وامتلأ. وقال قتادة: إذا استدار.. ومعنى قولهم انه إذا تكامل نوره وأبدر جعله مقابلا لليل، وما وسق ويحدث اتساق القمر عندما تكون الشمس في جهة وهو في الجهة الأخرى من الأرض، وهي حالة من أحواله تقل فيها العواصف والزوابع والأنوار الكهربائية ويعكس أقصى استضاءة.

انشقاق القمر

ونعود إلى الدكتور زغلول النجار ليحدثنا عن واقعة شق القمر، وقول الله تعالى: “اقتربت الساعة وانشق القمر” (القمر:1) يقول: هذه الآية لها قصة معي، كنت ألقي محاضرة في كلية الطب في جامعة كارديف في مقاطعة ويلز البريطانية، وكان الحضور خليطا من المسلمين وغير المسلمين، فدار حوار حيوي للغاية عن جوانب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. وأثناء هذا الحوار وقف شاب من المسلمين وسألني هل ترى في الآية الكريمة: “اقتربت الساعة وانشق القمر” لمحة من لمحات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟.. قلت له لا، لأن الإعجاز يفسره العلم. أما المعجزات فلا يستطيع العلم أن يفسرها. المعجزة خارقة للسنن، فلا تستطيع السنة أن تفسرها، فهذه معجزة حدثت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتشهد له بالرسالة، لأن المعجزات الحسية شهادة على من رآها. وفي كتب السنة يروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بخمس سنوات، جاءه نفر من كفار قريش وقالوا له يا محمد إن كنت نبيا حقا وان كنت رسولا حقا، فاتنا بمعجزة تشهد لك بالنبوة والرسالة. فقال: فماذا تريدون؟ قالوا له: شُق لنا القمر.. وهذا من قبيل التعجيز واستحالة إمكانية حدوث ذلك، فوقف المصطفى صلى الله عليه وسلم يدعو ربه بألا يخزيه في ذلك الموقف، فألهمه الله سبحانه وتعالى أن يشير بإصبعه الشريفة إلى القمر، فانشق القمر إلى شقين تباعدا عن بعضهما البعض لساعات عدة متصلة ثم التحما، فقال الكفار سحرنا محمد. ولكن بعض العقلاء قالوا إن السحر لا يمكن أن يصيب كل الناس، فانتظروا الركبان القادمين من السفر، فتسارع الكفار إلى مخارج مكة ينتظرون القادمين وسألوهم هل رأيتم شيئا غريبا حدث في القمر؟ قالوا نعم وجدنا القمر انشق إلى فلقين تباعدا ثم التحما، فآمن من آمن وكفر من كفر. ولذلك فإن القرآن يقول: “اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغني النذر” (القمر 1-5).

وبعد انتهاء حديثي وقف شاب بريطاني من الحضور واستأذن في أن يضيف شيئا إلى إجابتي فأذنت له وعرف نفسه أن اسمه داود موسى بيركول وانه مسلم ويرأس الحزب الإسلامي البريطاني، ثم أضاف ان هذه الآيات في مطلع سورة القمر كانت هي السبب في إسلامه في أواخر السبعينات من القرن العشرين، لأنه أثناء قيامه ببحث مستفيض في مقارنة الأديان أهداه أحد المسلمين ترجمة لمعاني القرآن الكريم، وانه عند فتح هذه الترجمة للمرة الاولى فوجئ بسورة القمر فقرأ مطلعها، ولم يكد يصدق أن القمر قد انشق ثم التحم فأغلق الترجمة وانصرف عنها. ثم شاء الله تعالى له أن يشاهد على شاشة التلفزيون البريطاني برنامجا عن رحلات الفضاء استضاف ثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين في العام 1978. وفي أثناء الحوار كان المذيع ينتقد الإسراف على رحلات الفضاء بإنفاق ملايين الدولارات، في حين يتضور ملايين البشر في الأرض من الجوع والمرض والجهل والتخلف. وكان جواب العلماء انه بفضل هذه الرحلات ثم تطوير عدد من التقنيات المهمة التي تطبق في مجالات التشخيص والعلاج والصناعة والزراعة وغيرها. وفي هذا الحوار جاء ذكر أول رحلة إنزال رجل على سطح القمر، وقد تكلفت اكثر من 100 مليار دولار، وقال العلماء إن هذه الرحلة قد أثبتت لهم حقيقة أنهم لو أنفقوا أضعاف هذا المبلغ لإقناع الناس بها ما صدقهم أحد، وهي أن هذا القمر قد سبق له ان انشق ثم التحم، وأن آثارا محسوسة تؤيد ذلك الحدث وجدت على سطح القمر. فقال داود موسى، حينما سمعت ذلك قفزت من الكرسي الذي كنت اجلس عليه أمام التلفزيون، وقلت معجزة تحدث لمحمد قبل ألف وأربعمائة سنة، ويرويها القرآن بهذا التفصيل العجيب ثم يسخر الله من يثبتها للمسلمين في عصر العلوم والتقنية وينفق هذا المبلغ الكبير لا بد ان يكون هذا الدين حقا، وعدت إلى ترجمة معاني القرآن الكريم اقرؤها بشغف شديد، وكانت أولى آيات سورة القمر هي السبب المباشر لقبولي الإسلام دينا.


نقلا عن صحيفة الخليج ، الاثنين 21/7/2003

الموضوع منقول للأمانة

سبحان الله الخالق
أحسنت