إن مجتمعاتنا اليوم تختلف من واحد الى آخر بما يمتلكة من خزين ثقافي للكراهية والاحقاد بديلا مفجعا لروح الحمية والمحبة والتوادد والتسامح والالفة وكل قيم الارض والسماء على امتداد التاريخ
؟ كيف اينعت ثقافة الكراهية في القلوب ، وغابت المحاسنة والمودة عنها ؟؟
ان ما يمكن التأسي عليه في واقعنا المرير اننا كنا اصحاب ثقافة منفتحة وقيم سمحة من نصرة حق واغاثة ملهوف وغيرها من تقاليد كريمة.. لتغدو مجتعاتنا العريقة اليوم ملوثة بالتعصب والعصابات .. وكلما يمضي الزمن تتفاقم الكراهية ويندثر التلاؤم والانسجام والرأفة والسماحة والجيرة والمحبة والرفقة والتعايش والشراكة والرفادة والسقاية .. الخ من قيم عظيمة لم يمتلكها أو يعرفها الاخرون
..
ثقافة الكراهية لابد ان تزول من العقول والانفس وان يعمل كل الكتاب وكل المثقفين وكل الدعاة والواعظين على استئصالها .. وعلينا ان نتشبّث بكل المعاني الحضارية التي عرفتها مجتمعاتنا منذ مئات السنين ، فالكلمة الطيبة صدقة ، والمجادلة بالتي هي احسن ، والابتسامة جواز مرور للمحبة ، واعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا .. وان ليس للانسان الا ما سعى .. نعم ، وان سعيه سوف يرى .. الخ
ان مجتمعاتنا اليوم بحاجة ماسة الى من يعيد التفكير من جديد بنفسه اولا وبمؤسسته ثانيا ليقدم اعترافات طبيعية بكل اخطائه التي جناها بحق الاخرين .. وبحاجة ايضا الى من يتسامح ويغسل نفسه من كل الاحقاد والكراهية ..
لقد تحركّت كل المجتمعات لتتخلص من بقاياها الاليمة واوضاعها القديمة .. الا مجتمعاتنا التي لم تزل تنتظر الاعتذار دون جدوى ، وهي ايضا لا تعرف روح مصالحة ولا تنمية تفكير ولا اسلوب تمدن ولا ضمانات مجتمع ولا حرية رأي ولا حياة مؤسسات .
ان ثقافة الكراهية المسيطرة لم تتوالد عن اسباب وعوامل سياسية حسب ، بل اعتقد ان جملة اسباب معقّدة قد اينعت هذه " الثقافة " التي لا ترى في العالم كله الا نفسها ، بل والانكى من كل هذا وذاك انها تتصور نفسها الافضل في هذا الوجود .. واعتقد ان سبب كسلها التاريخي هو انغلاقها بفعل ثقافة الكراهية التي غمرت نفسها فيها اولا ، وايمانها الراسخ بأن كل ما هو اجنبي يعمل ضدها ويتآمر عليها وان العالم كله ـ كما تتخيل ـ لا عمل له الا التخطيط لسحقها وامتصاص خيراتها ..