لو أننا استطعنا أن نلبس الحياة من حولنا ثوبًا مرحا لاستطعنا أن نجعل الأطفال في حالة
من الإقبال الإيجابي عليها؛ فالأطفال يحبون المرح والفكاهة في كل ما يتصل بهم، فهم لا
يستمتعون إلا بكل ما كان المرح وجهًا له من حركة ولمحة ولفتة وكلمة وتعليق. هكذا هم الأطفال
بروحهم الصافية، فعلينا أن نعرف ذلك وندركه ليسهل علينا إيصال رسائلنا الجادة لهم، ولكن بعد
صياغتها وفق ما يحبون ويعشقون.
وهناك كلمة حكيمة تقول: "إنك لتنفذ إلى الناس بخفة الظل أسرع بكثير مما تستطيعه
برجاحة العقل"، إن القلب يتعلق أول ما يتعلق بالروح المرحة المنطلقة المحبة المقبلة على
الحياة، وإذا كان هذا شأن الكبار الذين يعملون عقولهم ليزنوا الأمور، فما بالنا بالطفل الذي لم
يدرك بعد سوى كل ما يتعلق بالقلب؟ ونلمح ذلك في كل موقف مع الطفل، فإنه يقبل على الوجه
المبتسم، ويلتفت للمناغاة ويرد تحية الكبار المبتسمين بأحسن منها.
ثم يبدأ الأطفال شيئًا فشيئًا في البحث بأنفسهم عن هذه السمات وهذه الفكاهة في
ثنايا الحكايات الرسوم، والنكات البريئة، والأصوات المرحة، والحركات الحرة المنطلقة. ويؤثر ذلك
في إقبال الطفل على الحياة ونظرته لها وتعامله مع مفرداتها، وكذلك يؤثر على علاقته بالكبار
المحيطين به، فهل رأى أحد منا طفلا يقبل على وجه عابس وصوت أجش، وحديث لا يعرف
الملاطفة؟!
يجب علينا ألا نصد الأطفال عن حب الحياة بعبوسنا المستمر، بل علينا أن نضاحكهم ،
ونمرح معهم، فهذه هي قاعدة الحب الأولى التي تنطلق منها لتقيم علاقة حب حية وقوية مع
أطفالك تلك العلاقة التي تمنحها مناخًا مهيئًا ليسمع منا ويتمثل صفاتنا وإذا كان لكل إنسان
مدخل ومفتاح فهذا هو المدخل الأساسي للطفل.
وفي طيات تلك العلاقة تكون كل الرسائل التي نريد إرسالها فيكون استقبالها جيدًا
لها. وأدعو الله دائمًا أن نجني ثمار هذه العلاقة حبًا خالصًا وودا صادقًا، فنحن حقًا نختار أصدقاءنا
ولكن لا نختار آباءنا. فما أطيبها ثمرة أن يختارنا ابناؤنا طواعية لنكون آباء لهم .