إن التدخين هو الموت البطيء بحق، ولقد وصل عدد الذين يفقدون حياتهم بسبب التدخين الى 5,4 مليون شخص سنويا أي مايعادل شخص كل ست ثوان. ولهذا فلابد من الانقطاع عنه نهائيا، وعدم الاقتراب منه، فالسيجارة والشيشة كلاهما يحوي من السموم الكثير، وغاية ما ترشدنا اليه هذه الأبحاث العلمية أن الشيشة لاتقل ضررا على الاطلاق عن السيجارة، ولهذا يخطئ من يظن أنه ومن خلال انتقاله الى الشيشة من السيجارة فانه سوف يستطيع لاحقا أن يتوقف عن التدخين» .
تشير آخر احصائيات منظمة الصحة العالمية الى وجود اكثر من بليون مدخن حول العالم، ومع انتشار مقاهي الشيشة في البلدان العربية -بل والأجنبية أيضا- بشكل لافت للنظر، فان عدد المدخنين سيرتفع مع مرور الزمن بشكل كبير، ولا يوجد أدنى شك في الأوساط العلمية على خطورة التدخين على صحة المدخن، لكن هذه الابحاث عموما تعتمد في نتائجها على التجارب التي أجريت على السيجارة وليست على الشيشة، وهناك فروق عدة بين طريقتي التدخين، فهل خطورة تدخين الشيشة تعادل تدخين السيجارة ام ان أحدهما اشد فتكا من الآخر؟
لنبدأ ببعض الحقائق العلمية عن السيجارة أولا، فبعد ما يزيد عن اربعين سنة من البحوث العلمية المستمرة خلصت النتائج العلمية الى وجود اكثر من 4800 مركب كيميائي في دخان السيجارة، والسبب في هذا العدد الكبير من المركبات الموجودة في الدخان هو أن عملية حرق السيجارة انما تتم في درجة حرارة عالية جدا تصل الى 900 درجة مئوية، والتفاعلات الكيميائية عند هذه الدرجات العالية تنتج عددا كبيرا من الكيمياويات نتيجة لتحلل بعضها وتكسرها وتحول اخرى الى صيغ جديدة بالاضافة الى تبخر بعضها مباشرة، ولكن يمكن تقسيم الكيمياويات الناتجة من هذا الخليط المعقد الى خمسة أصناف رئيسية وهي:
القطران: مادة داكنة اللون تميل الى السواد وهي التي تسبب البقع الصفراء في يد المدخن وعلى اسنانه، والقطران هو نتاج تحلل وتجمع بعض المواد الموجودة في السيجارة.
النيكوتين: يتبخر النيكوتين عند درجات الحرارة العالية، ولذا فدخان السيجارة عادة مايحتوي على نسب عالية من النيكوتين، والنيكوتين مادة تؤدي الى الادمان كما يقول أهل الاختصاص .
المركبات البولي اروماتيكية: وهي مجموعة من المركبات الكيميائية والتي تسبب السرطان، ويوجد منها على اقل تقدير 16 صنفا في دخان السجائر، وهذه توجد بنسب مختلفة في الدخان المنبعث من السيجارة
الغازات المنبعثة: أخطر الغازات المنبعثة هو اول اكسيد الكربون، وهو غاز عديم الرائحة واللون والطعم، ولكنه سام .
المعادن الثقيلة: وتوجد بنسب متفاوتة وعادة يحتوي الدخان على معادن مثل الرصاص والزرنيخ، وهي مواد ثبت أن لها آثارا سيئة على المدى الطويل على صحة الانسان ولا يستطيع الجسم ان يتخلص منها بسهولة.
هذه خلاصة مختصرة عن السيجارة، وأما الشيشة فعدد الابحاث فيها محدود جدا ولا يصل الى 1 ٪ من الأبحاث التي تمت على السيجارة، وأهم الأبحاث في مجال الشيشة هي التي قام بها الدكتور علام شهادة الأستاذ المشارك في الجامعة الأمريكية ببيروت، وقد قام الدكتور شهادة بتصنيع جهاز يحاكي الشخص المدخن في استخدامه للشيشة، ثم قام بعملية تحليل للدخان المنبعث وذلك ليتسنى معرفة الكيمياويات المنبعثة من الدخان، وهي لا تمثل الكيمياويات المنبعثة من الشيشة بل تمثل الكيمياويات التي يستنشقها أو يبتلعها المدخن أثناء عملية التدخين أي أن هذه المواد وكمياتها هي التي تنتقل الى رئة المدخن، وقد تم تصنيع الجهاز بعد متابعة 28 مدخنا من مدخني الشيشة في لبنان وعدد مرات الشفط في الدقيقة والمدة الزمنية الفاصلة بين الشفطات، وقد توصل الى نتائج علمية هامة من أهمها أن عملية الاحراق في الشيشة تتم في درجات حرارة منخفضة نسبية ولاتزيد عن 450 درجة مئوية، ولذا فان من المتوقع أن يقل عدد المركبات الكيميائية الناتجة من عملية الحرق، لكن النتائج كانت معاكسة تماما، وأحد الأسباب الهامة لذلك هو أن معدل كمية التنباك المستخدم في الجلسة الواحدة في الشيشة يصل الى 3,9 جرام (تتراوح الكمية المستهلكة بين 1,8 الى 5,0 جرامات) مقارنة بحوالي جرام واحد من التنباك في السيجارة الواحدة على اسوأ التقادير (تتراوح كمية التنباك في السجائر حسب الصنف المستخدم بين 0,44 الى 1,07 جرام)، وهذا يؤدي الى زيادة ملحوظة في تركيز المواد الكيميائية الناتجة عن عملية الاحراق في الشيشة، اضافة الى ذلك فان النكهات المختلفة والمعطرات المتنوعة المستخدمة في (المعسل) تزيد من انواع الكيمياويات المحترقة وهذا بدوره يؤدي الى زيادة في كمية الكيمياويات المنبعثة .
لقد وجد ان كمية القطران الناتج عن تدخين الشيشة يزيد بحوالي 70 ضعفا، وهذا يعني أن رئة مدخن الشيشة تستقبل كمية القطران في الجلسة الواحدة ما يعادل تدخين 70 سيجارة هذا بالأضافة الى ان كمية النيكوتين تزيد بحوالي اربعة أضعاف وكذلك الحال في المركبات البولي اروماتيكية، أما اول اكسيد الكربون فان نسبته مخيفة بحق في الشيشة فيصل الى حوالي 10 اضعاف السيجارة وننصح بشدة مستخدم الشيشة ان يستخدم أنابيب الجلد بدلا من انابيب البلاستيك وذلك لوجود مسامات في انابيب الجلد تساعد على نفاد جزء من أول أوكسيد الكربون ولا تؤثر على كمية النيكوتين التي يشفطها المدخن.
بينما تزيد كمية المعادن الثقيلة عموما وبشكل ملحوظ فمثلا كمية الرصاص تزيد بحوالي 80 ضعفا عن السيجارة .
ان التدخين هو الموت البطيء بحق، ولقد وصل عدد الذين يفقدون حياتهم بسبب التدخين الى 5,4 مليون شخص سنويا أي مايعادل شخص كل ست ثوان.
ولهذا فلابد من الانقطاع عنه نهائيا، وعدم الاقتراب منه، فالسيجارة والشيشة كلاهما يحوي من السموم الكثير، وغاية ما ترشدنا اليه هذه الأبحاث العلمية أن الشيشة لاتقل ضررا على الاطلاق عن السيجارة، ولهذا يخطئ من يظن أنه ومن خلال انتقاله الى الشيشة من السيجارة فانه سوف يستطيع لاحقا أن يتوقف عن التدخين، بل على العكس تماما سوف تزيد الحاجة لديه ويزيد ادمانه وذلك للزيادة الملحوظة في نسبة النيكوتين في الشيشة مقارنة مع السيجارة، اضف الى ذلك أن السيجارة تخضع لصرامة شديدة في التصنيع مقارنة بصناعة المعسل البدائية نسبيا، ولهذا فاننا نجد أن نسبة المعادن الثقيلة تقل بشكل كبير في السيجارة عن الشيشة، وكذلك المواد بالنسبة للمواد المسرطنة وكمية القطران الناتجة من عملية الاحتراق.