يصر الأشقاء المصريون على أن ما يميّز منتخبهم الحالي عن بقية المنتخبات التي عرفتها مصر ليس الأداء والفنيات والتكتيك الذي ينتهجه المنتخب المصري بقيادة حسن شحاتة وإنما أيضا الوازع الديني الذي يجمع اللاعبين جميعا في صلاة واحدة..
يؤمهم شيخهم اللاعب الكبير محمد أبو تريكة الذي أقام لرفقائه مسابقة لحفظ القرآن خاصة أن المنتخب المصري لا يوجد فيه أي لاعب مسيحي.. وكان الدين قد مّيز سلوكات الكثير من المنتخبات المسلمة بدءا بمنتخب إيران الذي شارك في مونديال الأرجنتين عام 1978 في عز التهاب الثورة الإسلامية، حيث كان اللاعبون يدخلون الملعب مطأطئي الرؤوس تحت المصحف الشريف، وانتهاء بمنتخب تركيا الذي بلغ نصف نهائي مونديال كوريا واليابان في 2002 الذي اتهم الإعلام الغربي لاعبيه بالأصولية، ومرورا بمنتخب السعودية الذي شارك في المونديال في أربع مناسبات متتالية حيث أصبح السجود في حالة تسجيل الأهداف ينافس الشعارات المسيحية التي يلجأ إليها اللاعبون الأوربيون واللاتينيون عموما...
والواضح، أن لاعبي المنتخب الوطني الحالي معظمهم من المهاجرين الذين ولدوا في فرنسا ويعيشون حاليا حيث يحترفون الكرة في كبريات الدول الأوروبية، إذ يجدون صعوبة في أداء الصلاة وحتى الصيام. أما اللاعبون المحليون، وكلهم احتياطيون، فجميعهم من دون استثناء يؤدون الصلاة ويحافظون عليها في توقيتها.
صايفي بدأ في زامبيا بالفاتحة وانتهى بالسجود
في صبيحة مواجهة منتخبنا ضد زامبيا في 20 جوان الحالي، اتصل رفيق صايفي هاتفيا بوالدته وطلب منها الدعاء له وللمنتخب الوطني وأخطرها بأن إحساسه يخطره بأنه في حال دخوله احتياطيا سيسجل هدفا مؤثرا، وعندما طلب سعدان من رفيق الدخول لأرض الميدان في مكان عبد القادر غزال، شاهد الملايين رفيق صايفي وهو يقرأ سورة الفاتحة وباشر المنافسة، وفي ثالث كرة يلمسها بعد تمريرة من رفيق جبور هزّ بها شباك الزامبيين، ثم أدى سجودا نفتقده في مباريات منتخبنا الوطني وحتى في مباريات البطولة الوطنية...
ويعتبر كريم زياني من أشهر اللاعبين في العالم الذين يتلون فاتحة القرآن الكريم قبل بداية المقابلات، سواء مع المنتخب الوطني أو مع ناديه مارسيليا الفرنسي.. كما أنه يسجد بمجرد أن يعلن الحكم عن نهاية المباراة في حالة الفوز.. وهو سلوك من المفروض أن يكون حتى في حالة التعادل أو الهزيمة.. وسبق لأئمة مصريين وأن نبهوا له وقالوا إن السجود لا يكون فقط في حال التسجيل ورد لاعبو المنتخب المصري إذا كانت كل قذفة للكرة سواء في الشباك أو خارجه متبوعة بالسجود فإنه سيتحول الملعب إلى مسجد.
إلتزام عدد كبير من لاعبي المنتخب الوطني بالصلاة ومنهم بالخصوص آشيو، الذي يؤمهم أحيانا، وبابوش وصايفي وحليش وقواوي وبزاز، جعل اللاعبين الذي ولدوا وتربوا في فرنسا ويعيشون حاليا في ألمانيا مثل مطمور وأنجلترا (بوعزة ونذير بلحاج) وإسبانيا (غيلاس) وإيطاليا (غزال) واليونان (جبور)، يسألون رفقاءهم عن مزيد من المعارف الدينية وجميعهم مرشح لأداء الصلاة قريبا، خاصة أن المواجهة القادمة ضد زامبيا ستلعب في شهر رمضان الذي يصومه الجميع وسيعيشون أجواءه الدينية المتميزة في الجزائر هذه المرة.. رغم أن أجواء المباراة الحماسية ستجعل الجمهور الغفير يقتحم المدرجات قبل الإفطار مصطحبا معه فطوره، وسيكون مجبرا هذا الجمهور على التفريط في صلاة التراويح التي يؤديها معظم الشباب الجزائري وحتى اللاعبون الجزائريون ولو في فرنسا، كما أكد ذلك رفيق صايفي وياسين بزاز، حيث يبحثان هناك عن المساجد التي تؤدى فيها صلاة التراويح.
وتبقى الأجواء التي عاشها لاعبو المنتخب الوطني بعد الفوز أمام مصر هي التي جلبتهم نحو مزيد من التدين، فزياراتهم لأهاليهم بحجوط والقرارم وتلمسان كانت أشبه بالحج وسط أهالي لا سلاح لهم سوى الدعاء بالتوفيق، كما تأثر معظم اللاعبين بالتزام الشيخ سعدان ومساعديه بأداء الصلاة، والمعلم يؤثر دائما في تلاميذه.
منتخب 1982 في عز الصحوة الإسلامية
تزامن تألق المنتخب الذهبي للجزائر مع بروز ظاهرة التديّن لدى الجزائريين فتأثر بها اللاعبون أيضا بمن فيهم الذين كانوا ينشطون بالخارج، على غرار عبد الغاني جداوي الذي شوهد في أكثر من مرة يؤدي الصلاة خلال تربص سويسرا الذي سبق المونديال، قبل أن يتم الاستغناء عن خدماته.. واللاعبون لا يمكنهم نسيان مباراة النمسا وما حصل فيها عندما اقتحم أرضية ملعب »أوفييدو« مناصر جزائري ووقف في وسط الميدان وحاول أداء الصلاة، فوقف علي فرقاني قائد المنتخب الوطني إلى جانب هذا المناصر الذي كاد أن يحصل له ما لا يحمد عقباه، وبعد هدفي شاشنر وكرونكل في المرحلة الثانية اتجهت الكاميرا الإسبانية نحو المناصر الجزائري الذي ظل يبكي الهزيمة بحرقة.. ولكن المنتخب الأكثر تديّنا في تاريخ الكرة الجزائرية يبقى منتخب 1990 الذي فاز بكأس أمم إفريقيا، حيث كان بعض لاعبيه ومنهم الحارس عنتر عصماني يقومون الليل.. ويبقى الانتماء للإسلام هو الذي يجمع كل اللاعبين الذين أعربوا جميعا عن تضامنهم اللامحدود مع أبناء غزة، كما استنكروا جميعهم الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسوم الكاريكاتيرية الصادرة من الدول الأسكندنافية، وتضامنوا بشكل لافت مع ضحايا العملية الإرهابية في ولاية برج بوعريريج.. واستاءوا لمقولة بعض الإرهابيين ومنظرّيهم الذين اعتبروا ماقام به الجزائريون من فرح وابتهاج بعد الفوز على مصر بالعمل المحرّم.
معظم لاعبو المنتخب الوطني سيباشرون تحضيراتهم مع أنديتهم القوية وستبدأ كل البطولات الأوربية في إيطاليا واسكتلندا واليونان والبرتغال وألمانيا وأنجلترا وفرنسا والقسم الثاني بإسبانيا في عز شهر رمضان المعظم وأداءهم للصيام سيكون سريا دون علم مدربيهم وعزاءهم أن أياما من الشهر الفضيل ستكون هذه المرة في بداية شهر سبتمبر في الجزائر، حيث سيعيشون مقابلة الجزائر ضد زامبيا وقد تكون هي المباراة المفتاح للتأهل إلى كأس العالم، حيث يصبح حمد الله وشكره مفروضا على الجميع، خاصة أن المدرب رابح سعدان تمنى لو سنحت الفرصة بعد ضمان التأهل من التعريج عبر القاهرة في نوفمبر في آخر مباراة لأداء عمرة جماعية وهو ما تمناه كل اللاعبين من دون استثناء.. وحتى الأنصار نذروا لله عمرة في حال عودة منتخبنا الوطني إلى كأس العالم التي يعتبر البعض التأهل إليها »ديكليكا« لتحقيق مزيد من الانتصارات في كل المجالات.