كان عبد اللّه بن سلام رضي اللّه عنه، من كبار علماء اليهود، جاء في قصة إسلامه عن أنس رضي الله عنه قال:
''بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة، وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''خبّرني بهن آنفا جبريل'' قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت- وفي رواية للبخاري برقم 3939 ''فزيادة كبد الحوت'' وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها''، قال:'' أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأنك رسول الله''. وقد أثنى الله على هذا العالم الرباني، فعن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض، إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام- انظر فتح الباري7/.1306129
قال: وفيه نزلت هذه الآية: ''وشهد شاهد من نبي اسرائيل على مثله فئامن واستكبرتم'' الأحقاف10- البخاري، برقم 3812، ومسلم، برقم 3812 ومسلم برقم 2483 وقيل أنه لو لم يسلم من اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا سيد اليهود على الاطلاق وابن سيدهم، وعالمهم وابن عالمهم، وخيرهم وابن خيرهم، باعترافهم وشهادتهم، لكان في مقابلة كل يهودي على وجه الارض، فكيف وقد تابعه من الأحبار والرهبان من لا يحصى عددهم إلا اللّه.
ملك الحبشة يسأل
هذا، ومن المنصفين من علماء النصارى وملوكهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر، النجاشي ملك الحبشة، رحمه الله تعالى، ذلك أنه عندما قرأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال النجاشي صدرا من سورة مريم، بكى النجاشي حتى ابتلت لحيته، وبكى أساقفته حين سمعوا ما تلي عليهم، وقال النجاشي للوفد:''ما يقول صاحبكم في ابن مريم؟'' فقال جعفر رضي الله عنه: يقول فيه قول الله: ''هو روح الله وكلمته، أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر...'' فتناول النجاشي عودا فرفعه، فقال: ''يا معشر القسيسين والرهبان، ما يزيد على ما تقولون في ابن مريم ما تزن هذه'' وقال للوفد: ''مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أقبّل نعله...'' أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي 1/.438
هكذا اهتدى كبير علماء اليهود وكبير ملوك النصارى للحق رضى اللّه عنهم.