تمت تجربة زرع الخلايا الجذعية في المخبر بنجاح حيث تمكن الباحثون من إدخال البروتين الناقص عند الفأر المصاب بهذا المرض فتحقق شفاؤه. الباحثون الآن عاكفون على تجربة هذه الطريقة العلاجية عند الإنسان.
إن أكثـر الأمراض المنتشرة عبر العالم، والتي تصيب الصغار والكبار، تبقى لحد الآن رغم التقدم الكبير الذي وصل إليه التطور العلمي والتكنولوجي في ميادين الطب والصيدلة، وفيما يخص الأجهزة المستعملة في الفحوصات والتحاليل وحتى المعالجة عاجزة على تحقيق الهدف المنشود، وهو الشفاء من هذه الأمراض الفتاكة التي مازالت تودي بحياة الإنسان كل يوم. إن الأبحاث الآن منصبة بقوة على إيجاد الحل الأنسب لهذه المعضلة التي أصبحت الشغل الشاغل بالنسبة للأطباء وعلم الطب.
وإن مختلف الجمعيات والمنظمات الشعبية تطالب بتحسين حالة المرضى والإسراع في إيجاد حلول أكثـر نجاعة وفي متناول الجميع.
أغلبية البحوث الحالية منكبة على الخلايا الجذعية التي تعد بمستقبل أحسن فيما يخص معالجة العديد من الأمراض التي مازالت تتطور لحسابها الخاص دون تمكن الطب من السيطرة على ما تسببه من مضاعفات وإعاقات أكثـرها وخيمة أو من وفيات مفاجئة.
هذه مدة 20 سنة تقريبا منذ أن تم تفكيك وقراءة مورثات الإنسان، وقد تم في نفس الوقت التعرف على العديد من المورثات المسؤولة عن الأمراض الخطيرة التي تصيب الإنسان، كما توصل أيضا الباحثون إلى اكتشاف وسائل ناقلة للمورثات المستعملة كعلاج...الخ.
وأخيرا لقد ظهرت الخلايا الجذعية التي بإمكانها أن تخلف الأنسجة والأعضاء التي أتلفت، وقد شرع في تجريبها عند الإنسان، وإن النتائج المنتظرة عن قريب تبدو جد واعدة، لأن هذه الخلايا الجذعية هي خلايا من نوع خاص بإمكانها أن تتحول إلى الخلايا التي نريد الحصول عليها بصفتها مازالت في طورها البدائي ولم تتحول بعد، وباستعمالها -وهي في هذا الطور من حياتها- يمكن الحصول على نسيج مخالف للنسيج الذي أخذت منه (كالدم، العظام، البشرة، القلب.. الخ). قد تسمح هذه الأبحاث حديثة النشأة بالحصول على أعضاء جديدة نعوض بها الأعضاء التي أتلفت وظائفها بسبب ما ،سواء مرض أو حادث أو تشوه خلقي أو إعاقة...الخ. إن الهدف من هذه الأبحاث التي كلها أمل هو الوصول إلى تحقيق الشفاء من الأمراض المستعصية حاليا كمرض العضال وتكهف النخاع وباركينسون والسكري والشلل والسرطان...الخ.
تبقى هذه الطموحات في طور التجربة لحد الساعة دون التوصل إلى استغلالها ميدانيا نظرا لجملة من الحواجز التي تعكر مسعاها وتؤخر تقدمها، سواء فيما تعلق بالمناعة التي تمثل الحاجز الكبير التي ينبغي التدقيق في فهمها والسيطرة عليها أكثر وكما يجب، أو فيما يخص المورثات المستعملة لنقل ''المورثات الدواء'' إلى قلب الخلية التي نريد تصليح الخلل الذي وقع فيها أو إلى المكان الأنسب في المورثات نفسها التي أتلفت منطقة منها.
يعكف عدد من علماء المعاهد عبر العالم حاليا على إيجاد الصيغة أو الطريقة المثلى لمعالجة مرض العضال المتمثل في إصابة الألياف العضلية بالعجز وتطورها تدريجيا إلى مضاعفات خطيرة كالشلل أو صعوبة التنفس والحركة أو الأوجاع...الخ
لقد تمت تجربة زرع الخلايا الجذعية في المخبر، حيث تمكن الباحثون من إدخال البروتين الناقص عند الفأر المصاب بهذا المرض (مرض العضال) فتحقق شفاؤه. ولقد دفع هذا الإنجاز الباحثين إلى تجريب هذه الطريقة العلاجية عند الإنسان، وتم زرع خلايا عضلية أخذت من فخذ المريض لزرعها في حنجرته من أجل إحياء عضلات الحنجرة التي أتلفت. هذه التجربة تمت عند 6مرضى، وستنشر نتائجها التي ينتظرها العام والخاص بفارغ الصبر عن قريب، كما تمت من جهة أخرى عملية زرع مماثلة عند عدد من المرضى من القلب لإحياء قطعة ميتة من قلبهم إثـر سكتة قلبية، قد تعمم هذه الطريقة العلاجية في المستقبل القريب لتشمل باقي الأمراض الأخرى العديدة المنتشرة منها كأمراض الأعصاب والمخ وأمراض العيون والسمع والغدد وغيرها أو النادرة منها كمرض العضال ومرض عظام الزجاج ومرض بهسات وأمراض المناعة وغيرها، حسب النتائج المحصل عليها. وأكيد أن الشفاء سيكون عن قريب حليف كل المرضى. حتى يصبح المرض في المستقبل القريب مجرد خرافة قديمة قد خلت.
وهذا كله يحتاج طبعا إلى جهد متواصل واستمرارية في البحوث في كل المجالات الطبية والتكنولوجية والصيدلانية دون توقف ودون فشل ولا ملل.