ونحن نقترب هذه الايام من الاحتفال بيوم العلم في مؤسساتنا التربوية والتعليمية ككل سنة ناعترتني لحظة سخرية من نفسي باعتباري فردا من أفراد الأسرة التربوية في هذا البلد الذي لم نقدم له -نحن المربين -زمن الاستقلال ما يذكرنا به على غرار ما قدم الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس زمن الاستعمار، فــراح الوطن يتذكره كل سنة في هذه المناسبة الجليلة ويعلِّم أبناءه أن التقدم في مجال العلوم وأن خدمة الوطن والدين ، وأن تحرير الأرض والإنسان لا يرتبط بالضرورة بالظروف، فهاهو الشيخ عبد الحميد بن باديس يشتغل على أكثر من صعيد ومجال(مجال سياسي، مجال علمي ، مجال ديني تربوي ، مجال ثقافي .....)ويستهدف أكثر من فئة(فئة الصغار أو النشء، فئة الشباب ، فئة الكبار ومنهم العلماء ) ويتولى أكثر من منصب ، ويقدم من الأعمال ما عجزت عنه الرجال حتى الآن رغم أن الظرف ظرف هيمنة وتسلط واستعمار !
أما اليوم وقد أنعم الله علينا بالحرية والاستقلال بفضل ما قدم الرجال من أمثال ابن باديس-رحمه الله- فقد تغيرت الأموروالأحوال فجفت العقول وغارت الجهود المثمرة وتغيرت ملامح جيل الحرية، فصارت مبهمة لا تنتسب في كثير من تصرفاتها، وأفكارها،وفي طموحاتهاإلى جيل الماضي(جيل الاستعمار)،
وهذا -طبعا مبرر-لتغير نظرة المربي في هذا الظرف ، حيت أصبح كثير من المربين موظفين فقط وحجتهم في هذا التقهقر والتراجع بل والتخلي عن نهج سابقيهم من مربي الماضي(الاستعمار)هي:الخلل الحاصل عموديا وأفقياعند العـــــباد في هذه البـلاد
فقد تغيرت الظروف وتقلصت الحريات وغابت السياسات الواضحة والجدية للقيام بشأن هذا لقطاع وأهله من الأعلى إلى الأسفل وأصبـح أبــــــــــــــعد الناس عن القطاع مسؤوليه فتولدت عند الجماعة التربوية ردة فعل مماثلة يقول عنها البعض على أنها ردة فعل طبيعية أو منعكس شرطي ودارت رحى الصراع في الآونة الأخيرة بين الخادم والمستخدِم وبتسارع دوراتها داخ المعلم فدوخ معه الجيل وداخ قبله المستخدم فتاه عن رشده ولم يفق إلا وأروقة العدالة تؤازره فتعزه وتنصفه -على حسب زعمها -وتدك مناوئيه وخصومه
أما من الناحية الأفقية فقد تففك ما كانت علية الأسرة الجزائرية من روابط وثيقة وعُرى متينة فبعُدت الهوة بين أطراف المجتمع وحل محلَّ مصلحة الجماعة مصلحةُ الفرد ومحلَّ التنازل عن كثير من التصرفات حفاظا على لُحمة المجتمع التسابقُ نحوتحقيق أكبر قدر ممكن من المصلحة الشخصية حتى وإن كانت على حساب القيم والمبادئ ،وملأ التنافرُالفراغَ الحاصل جراء هذاالأمروازدادت مساحات هذا الفراغ في كل شبر من هذا الوطن وانتشرت بها الأشواك الضارة التي لا يقدر حتى الحيوان على لمسها بل وعلى الاقتراب منها
فتبين لي وأنا أجرجر فأرتي عند كتابة هذا المقال وكأن الأمر لا يستقيم إلا بتغير الظروف (الاستقلال)إلى ظروف غير هذه(استعمار) حتى نستر نحن المربين عيوبنا فننتج -نخترع ونطور ونغير -ماديا ومعنوياونقدم للبلاد وللعباد من باب الواجب ألا ومن باب التطوع ثانياما لم يقدمه احد لا في الماصي ولا حتى في المستقبل
ولكني سرعان ما نفثت عن يميني وعن يساري وأنا ألعن الشيطان الرجيم وأحمد الله على نعمته ( الاستقلال )-حتى وإن كان حظ التطور والتقدم منه قليلاوكان حظي من تحصيل حقوقي فيه أقل - وأرمي عني فراشي آخذ كتبي بعضها بيدي وبعضها الآخر بمحفظتي واتجه إلى الثانوية.