الحمد لله رب العالمين وأرحم الراحمين وأقدر القادرين وأحكم الحاكمين الذي له الخلق والأمر وبيده النفع والضر.
وأشهد أن لا إله إلا الله بارئ البريات وغافر الخطيئات وعالم الخفيات المطلع على الضمائر والنيات سبحانه أحاط بكل شيءٍ علماً ووسع كل شيء رحمة وحلما وقهر كل مخلوق عزة وحكما يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم لا تدركه الأبصار ولا تتوهمه الأفكار وكل شيء عنده بمقدار .
وأشهد أن سيدنا وحبينا محمد رسول الله النبي المختار وعلى آله وصحبه الأطهار.
وبعد ...
نقف وإياك أخي مع فئة موفقة، فئةٌ وجوههم مسفرة وجباههم مشرقة وأوقاتهم مباركة، فإن كنت منهم فاحمد الله على فضله،وإن لم تكن من جملتهم فدعواتي لك أن تلحق بركبهم.
أتدري منهم ؟
إنهم رجال الفجر
قوم يحرصون على أداء هذه الفريضة،ويعتنون بهذه الشعيرة ،يستقبل بها أحدهم يومه، ويستفتح بها نهاره،والقائمون بها تشهد لهم الملائكة، من أداها مع الجماعة فكأنما صلى الليل كله . ففي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل, ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله».
رجال الفجر
ألا يرضون أن يذهب الناس بالأموال والزوجات ، ويرجعون هم بالبركة في الأوقات والنشاط وطيب النفس وأنواع الهديات ، ودخول الجنات ونزول الرحمات،قال ^:«من صلى البُردين دَخل الجنة»[ أخرجه البخاري ومسلم]. والبردان: صلاة الفجر وصلاة العصر،وقال صلى الله عليه وسلم: «لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها».[ أخرجه مسلم].والمراد بهذا صلاة الفجر وصلاة العصر.
رجال الفجر
محفوظون بحفظ الله،أنفسهم طيبة،وأجسادهم نشيطة ، يقول صلى الله عليه وسلم: «من صلَّى الصبح فهو في ذمة الله».[أخرجه مسلم]،وقال صلى الله عليه وسلم: «يعقدَ الشيطان على قافية رأسِ أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد،ويضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد،فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى إن حلت عقدة،فأصبح نشيطاً طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان»[متفق عليه]
رجال الفجر
كفاهم شرفاً شهادةُ ملائكة الرحمن لهم ،وتقرير مشرف عنهم ، قال صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون:تركناهم وهم يصلون،وأتيناهم وهم يصلون».[ متفق عليه.]
رجال الفجر
فازوا بمحو الخطايا ورفع الدرجات ،قال صلى الله عليه وسلم : «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات ؟ قالوا:بلى يا رسول الله،قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط» [أخرجه مسلم] .
رجال الفجر
في المساجد مع قرآن الفجر يعيشون، وإلى لذيذ خطاب الله يستمعون، وفي ربيع جناته يتقلبون .قال عزوجل:
((أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ))[الإسراء:78]
رجال الفجر
الذين ما إن سمعوا النداء يدوي, الله أكبر, الله أكبر, الصلاة خير من النوم, هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام, وتركوا الفرش وإن كان وثيرًا, ملبين النداء, فخرج الواحد منهم إلى بيت من بيوت الله تعالى وهو يقول:«اللهم اجعل في قلبي نورًا, وفي لساني نورًا, واجعل في سمعي نورًا, واجعل في بصري نورًا, واجعل من خلفي نورًا, ومن أمامي نورًا, واجعل من فوقي نورًا» فما ظنكم بمن خرج لله في ذلك الوقت, لم تخرجه دنيا يصيبها, ولا أموال يقترفها, أليس هو أقرب إلى الإجابة, والفوز بالنور والسعادة سائر اليوم.
رجال الفجر
لهم وعدٌ صادق بأن يروا ربهم عز وجل, ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي ا أن النبي ^ قال: «أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته, فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»
رجال الفجر
لم تمنعهم ظلمة الليل من أن يمشوا فيها إلى بيوت الله تعالى فكان جزائهم أن يسيروا في نور تام يوم القيامة، فعند أبي داود والترمذي من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة».
رجال الفجر
أولئك هم الرِّجال حقاً ، والمؤمنون صدقاً ، قال ربُّنا جلَّ وعَلا : ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها اسمهُ يسبحُ لهُ فيها بالغُدُاوِّ والآصال * رِجَالٌ لا تلهيهم تجارةٌ ولابيعٌ عن ذكر الله وإقام صلاة وإيتاء الزكاةِ يخافونَ يوماً تتقلَّبُ فيهِ القلوب والأبصارُ * ليجزيهُمُ الله أحسنَ ما عَمِلُموا ويزيدهُم مِّن فضلِهِ واللَّهُ يرزُقُ من يشاء بغير حساب)) .
صلاة الفجر
المحافظة عليها من أسباب دخول الجنة،والوضوء لها كم فيه من درجة،والمشي إليها كم فيه من حسنة،والوقت بعدها تنزل فيه البركة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«اللهم بارك لأمتي في بُكورهَا»[رواه الترمذي وحسنه عن صخر الغامدي ]
صلاة الفجر
فيها سنة ركز عليها حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله :«ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم].
فهيا بنا نسد نقص الدنيا بهاتين الركعتين ( نقص الأولاد ونقص الأموال ونقص العافية ونقص الجاه وأي نقص تشعر به) فصلاة هاتين الركعتين خير لك من الدنيا وما فيها ،فكم يا ترى أجر صلاة الفجر نفسها .
صلاة الفجر
هي (ترمومتر) وميزان الإيمان الذي تقيس به إيمانك،وأمارة من أمارات صدق صاحبها, وإنك لتعجب, ممن أظهر أمارات الإلتزام وله مع الطيبين ذهاب وإياب، ثم هو مفقود في صلاة الفجر, لا تكاد تراه إلا في فترات متباعدة, فأي التزام هذا، وهو لم يأخذ بصاحبه إلى أن يكون من أهل الفجر؟!
من خان حي على الصلاة يخون حي على الكفاح
هاتوا من المليار مليوناً صحاحاً من صحاح
صلاة الفجر
لا يشهدها إلا صفوة الناس, لذلك كانت تلك الصلاة أشدّ صلاة على المنافقين, كما قال صلى الله عليه وسلم : «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء, ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا»[رواه البخاري].
وفي صحيح ابن خزيمة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن.
أخي الحبيب: يا من فقدناك في صفوف الفجر, أعني في صف الفجر الذي لم يكتمل!! أرضيت أن تكون أسيرًا للشيطان والهوى؟! أرضيت أن يبول الشيطان في أذالله يهديك؟! فلا يجعلها تسمع نداءً, ولا تجيب فلاحًا.
ففي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه», أو قال: «في أذنه».
ثم هل ترضى أن يحضر الشيطان منزلك كل ليلة فيبيت معك حتى تصبح, وهو يراك فريسة اصطادها في كل يوم!!
كن من رجال الفجر
أخي الحبيب : هلا عزمت من الساعة هذه أن تكون ضمن الركب المبارك, أهل الفجر, لتحظى بفضائلهم, ولتنجو من الوعيد الشديد للذين ينامون عن فرائض الله تعالى.
ففي الصحيح عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة: «إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي: انطلق, وإني انطلقت معهما وإنَّا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة, وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى, قلت لهما: سبحان الله, ما هذان؟!!» وفي آخر الحديث أن جبريل قال له: « وأما الرجل الأول الذي أتيت عليه يٌثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة».
أمة لا تصلي الفجر لا تستحق النصر
كيف نأمل أن ينصرنا الله عز وجل وان يرزقنا ويهزم أعداءنا وان يمكن لنا في الأرض ونحن في تقصير وتفريط لفرائضه ،وربما صدق من قال لا ينتصر المسلمون إلا إذا كان عدد المصلون في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة.