التطور يعيد تصنيف مملكة الحيوان
على مر عقود من الزمن والعالم يستخدم جدول التصنيف البيلوجي التي تحدد درجة قرابة الانواع الحيوانية والنباتية وبقية الكائنات الحية مع بعضها البعض. الان يظهر علم الوراثة ان المعطيات القديمة التي جرى على اساسها تقسيم الكائنات الحية في التصنيف البيلوجي ليست صحيحة.
بفضل علم المورثات الحديث والفحوصات المجهرية والنظريات الحديثة حول كيفية تطور الحيوان والنبات، قسم العلماء ممالك الكائنات الحية الى مايزيد عن 30 مملكة، وهي ممالك لم ليس هناك مايجمعها من مواصفات غير صفة الحياة نفسها.
على العموم يتميز الانسان بسعيه لخلق النظام من الفوضى، لذلك ليس من الغريب انه سعى لخلق تصنيف لفوضى عالم الاحياء منذ عصور مبكرة. من اوائل من حاول تصنيف عالم الحيوان هو الفيلسوف الاغريقي اريسطوطاليس (384-322 قبل الميلاد). لقد وضع قائمة باسماء جميع الطيور المعروفة في زمنه والتي وصلت الى 100 نوع. الاهم كانت افكاره حول التصنيف. لقد اشار الى اهمية وضع الاشياء في نظام محدد والى ان المهم هو المبدأ الذي سيجري عليه النصنيف. لقد حاول تصنيف مملكة الحيوان على اساس عدد الاقدام التي يملكوها، الامر الذي ادى به الى وضع الانسان والطيور في مملكة واحدة.
الفكرة الاخرى كانت تقوم على تصنيف الكائنات انطلاقا من التكاثر بالبيض ام بالولادة. هذه الفكرة كانت افضل ولكن اليوم نعلم انها لم تكن نموذجية. نحن نعلم اليوم مجموعات من الحيوان يقوم افرادها بالتكاثر بالطريقتين، وضع البيض والولادة. بالرغم المحاولات الكثيرة اللاحقة فأن النظام الفعلي الاول ظهر بعد 2000 سنة.
العالم السويدي Carl von Linné (1707-1778) قد نظام binominal system وهو نظام هرمي قائم على توزيع تحت مصطلحات مفاهيمية لازال يستخدم حتى اليوم. الحيوانات جرى تصنيفها في مستويات لسهولة البحث. المستوى الاعلى كان " المملكة"، وفي نظام Linné الاصلي كانت توجد مملكتين فقط: مملكة الحيوان ومملكة النبات.
هذا النظام كان ولازال نظام رائع ولكن ليس بدون نواقص. Linné لم يكن يمتلك ادوات بحث كافية ودقيقة لتصنيف الكائنات ولذلك اكتفى بالتشابه الخارجي، وهو امر مضلل للغاية. على اساس الشكل الخارجي جرى تصنيف الدلافين الى جانب الاسماك في السابق، في حين لن يخطر ببال احد ان السائر البطيء هو قريب للغاية مع آكل النمل. . التصنيف الهرمي كان يتقسم الى فترة قصيرة من الاعلى الى الادنى من الاقسام التالي : مملكة، شعبة، قسم، رتبة، عائلة، جنس، نوع، صنف. مع التعديل الجديد اصبحت المملكة درجة اعلى بإسم domain وفوقها درجة بإسم الحياة life، في حين نشأت ممالك جديدة وصلت حتى الان الى 39 مملكة.
Sepecies
Genus
Family
Order
Class
Phylum
Kingdom
Domain
Life
بالرغم الجهود الحثيثة لايوجد حتى اليوم شجرة تضم حميع الاصناف بالارتباط مع اصل مشترك واحد، ان اكبر شجرة للحياة تصل بإعضاءها الى اصل واحد تضم حوالي 3000 صنف وقد قام بتحقيقها National Science Foundation progarm Assembling the Tree of Life, والذي وضع هدف له لرسم شجرة القرابة لجميع الكائنات الحية.
المفاهيم الاربعة
مع قدوم نظرية تشالز داروين وكتابه عن "اصل الانواع" عام 1859 جرى لاول مرة إعادة النظر في تصنيف مملكة الحيوان على اساس علمي. بالارتباط مع دراسة التطور يتعاطى الباحث مع اربعة مفاهيم هامة للغاية لتصنيف الكائنات الحية. المفهوم الاول هو التطور الانفصالي، وهو يحدث عندما تقوم مجموعتين منحدرين عن اب/ام واحد بالتلائم مع واقعين ومعطيات مختلفين يترتب عليه تغيير الشكل والسلوك. مجموعة القوارض احدى الامثلة النموذجية على هذه الحالة.
المتخصصين يتكلمون ايضا عن التطور الوحيد الاصل (homolog) والمقصود ان العضو ذاته يتطور ليقدم وظائف مختلفة بوضوح. مثال على ذلك يد الانسان بالمقارنة مع الطرف الامامي لكلب البحر. هذا العضو يظهر بشكلين مختلفين ولكن له اصل واحد ويحتوي على التفاصيل نفسها مهما اختلفت الوظيفة التي يؤديها.
تعبير التطور المتحول يراه المرء في الحالات التي لاتكون الحيوانات موضوع المقارنة لها قرابة مع بعضها ومع ذلك تطور سلوك وشكل متشابه مع بعضها، لكونهم يعيشون في تحت ضغط نفس المتطلبات البيئية. هذه الظاهرة نراها بوضوح عند مجموعة الكيسيات،التي تعيش في استراليا، مثل الكنغر. الذئب الكيسي الذي انقرض منذ فترة قصيرة كان لديه سلوك يتشابه تماما مع بقية انواع الكلاب بدرجة غريبة. هذا الامر نفسه يتطابق مع السنجاب الكيسي الطائر بالمقارنة مع السنجاب الطائر الذي ينتمي الى القوارض.
المفهوم الرابع هو تطور مرن، والمقصود ان الاعضاء عند انواع مختلفة يمكن ان تأخذ نفس الشكل في تطور كل منهم على حدة طالما انهم سيحققون الوظيفة نفسها. زعانف الدلفين هي افضل الامثلة على ذلك، إذ انها تتشابه مع زعانف الحيتان ولكن التحقيق الدقيق اظهر انهم تطوروا بشكلين مختلفين ولكن انتصر الشكل نفسه بإعتباره الانسب.
العلوم الحديثة لإعادة تحديد الانتماء
مع تقدم العلوم الحديث اصبح بمستطاعنا استخدام طرق اكثر دقة لتحديد الاختلاف بين الحيوانات ودرجة قرابتها. علم المورفولوغيا morfologi, يدرس المظهر الخارجي للحيوان: البنية الميكروسكوبية للالياف والريش والشعر والجلد، بنية الاجنية وتطورها، السلوك، المستحاثات التي تقدم لنا تاريخ التطور، واخيرا البيلوجيا العضوية التي تقدم لنا بنية المورثات الجينية.
هذا الامر جعل البحث اكثر تعقيدا وصعوبة ولكنه اعطى تفاصيل اكبر ودقة اكثر. اليوم نعلم الكثير من الكائنات التي كنا نعتقد انها متميزة انها ليست كذلك، في حين حيوانات اخرى كانت تصنف الى جانب كائنات اخرى بالرغم من انها منفصلة عنها تماما، هذا الامر ادى الى تغييرات دراماتيكية في تصنيف مملكة الحيوان والكائنات الدقيقة.
بناء على المعطيات الحديثة اُجبر الباحثين على إضافة مستويات وممالك جديدة الى التصنيف التقليدي ليتوسع التصنيف وعلى الاخص في عالم الميكروبي. الفحص الدقيق العالي التقنية اظهر ان العديد من الكائنات المجهرية التي كانت موجودة مع كائنات اخرى هي في الحقيقة مختلفة عن بعضها البعض بفروقات اكثر من الفروقات التي تفصل الحيوانات عن بعضها.
في مملكة الاحياء الدقيقة نجد ان الاختلافات على الاغلب تقع في المستوى الكيميائي. ، ولكن البنية الكيميائية للخلية تلعب دور اساسي لمثل هذه الكائنات وبالتالي يجب اعطاءه دور اكبر مما يظهر في عيوننا. نحن نعلم اليوم ان الخلافات الصغيرة التي بين البكتريا من نوع Helicobacter pylori, وهي بكتريا مسؤولة عن الاصابة بالقرحة عن الانسان، وانواع عائلة البكتريا المسماة Chlamydia والمسؤولة عن امراض جنسية، من الاختلاف الى درجة تجعلهم ينتمون الى ممالك مختلفة.
في مملكة اخرى نجد بكتريا من نوع اورجينال وهي بكتريا قادرة على انتاج مكونات كيميائية تجعل لهذه البكتريا القدرة على تحمل ظروف غاية في التعقيد ولاتتحملها بقية الكائنات المجهرية، مثل الحياة في ينابيع المياه الحارة وطبقات الارض الغنية بالنفط وقرب الغازات السامة وفي اعماق التربة. هذه البكتريا تعود لمملكة Archaea.
مجموعة الطفيليات وحيدة الخلية Giardia حصلت ايضا على مملكتها الخاصة وهي تسبب احد اكثر التهابات المعدة خطورة، وايضا لابد من ذكر الكائن الطفيلي القديم للغاية Trypanosoma, الذي يسبب مرض النوم.
العديد من الكائنات الصغيرة لازال من الصعب تصنيفها ومعرفة انتماءتها، وذلك ليس غريبا بالارتباط مع حجمها وصعوبة معرفة التفاصيل التي تميزها. ديدان مجموعة Onychophora شكلت مشكلة قديمة للعلماء منذ اكتشافها عام 1826، إذ كان من الصعب عليهم تحديد انتماءها. هذا النوع من الدود يعيش في القسم الجنوبي من الكرة الارضية، وهو عبارة عن دودة طويلة لها عدة ازواج من الارجل. النوع يملك ذكر وانثى منفصلين والانثى تلد صغارها جاهزين. العلماء لاحظوا منذ البداية انهم مختلفين عن الحلزونات، واعتقدوا ان من الممكن تصنيفهم مع الكائنات اصحاب الاقدام المرفقية مثل الحشرات والسرطعانات. هذا الامر كان يجد مقاومة من العديد من العلماء. نموذج اخر عن مثل هذه المشكلة هو مملكة الطحالب المقسومة الى مجموعتين رئيسيتين. الطحالب الحمراء والطحالب الخضراء. الفحوصات الحديثة اظهرت انهم لاينتمون اصلا الى مملكة واحدة، الطحالب الخضراء تنتمي الى مملكة اخرى في حين الطحالب البنية والحمراء حصل كل منهما على مملكته الخاصة. الدراسة اظهرت ايضا ان الطحالب الحمراء يمكن ان تكون هي الاب المشترك لجميع النباتات على الاطلاق، لقد كانوا النبتة الاولى التي ظهر فيها التمثيل الضوئي.
تحليل الحامض الاميني يغير يكشف القرابة الحقيقية للطيور