بسم الله الرحمن الرحيم
عشر ضمانات ربانية بأن دولة اليهود لن تقوم في فلسطين ولا في غيرها
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن الحرب بين الحق والباطل سجال منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، وإن من أعداء الله في أرضه، والمخالفين لأمره ونهيه: اليهود عليهم لعائن الله، وعندما خالفوا أمر أنبيائهم، وقاتلوهم وقتلوهم، سلط الله عليهم الخزي والعذاب الدنيوي الذي لا يرفع حتى يوم القيامة، ومع هذا الخزي والهوان الأبدي السرمدي لا يسئمون من محاربة الحق، والكيد بأهله، ولن يكون لهم عليهم سلطان إلاّ إذا تخلوا عن الحق الذي ينسبون إليه!، قال تعالى : )وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ( (البقرة:120)، وقال تعالى : )لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا( الآية (المائدة:82) .
وبسبب الحملات الصهيونية، والعدوان اليهودي على الأراضي الفلسطينية، وما يحصل منهم من صنوف التنكيل بالمسلمين هناك: دخل الخور في قلوب بعض المسلمين، واستبطئوا وعد الله ورسوله عليه الصلاة و السلام بالنيل منهم، وأرهبهم دعاوى سيطرتهم على زمام سياسة العالم واقتصاده وإعلامه!، ومنهم من أخذ يتخرص بضرب الأرقام وجمعها، وتقليب صفحات الأناجيل والتوراة حتى يظفر ببشارة يتنفس بها الصعداء من وهن ما أصابه من ضعف اليقين!، وما علم أولئك -هداهم الله - أن لنا من الله تعالى عشر ضمانات صادقة ممن بيده مقاليد الأمور، وتصريف الأحوال سبحانه وتعالى، نصّ عليها في كتابه الكريم، بأن اليهود لن تعلو لهم راية بعامة، ولن يفارقهم الذل والهوان، ولن يخلعوا لباس السخط والمسكنة، ولن تجتمع لهم يد إلى يوم القيامة، وغير ذلك من الضمانات الآتي ذكرها.
وقد ذكر هذه الضمانات الشيخ الجليل، والعالم النبيل: عبدالله بن علي بن يابس رحمه الله تعالى في كتابه "الرد القويم" [ص: 40-44]، عندما قال أحد المخالفين: (إن القرآن لم يقدم لنا أماناً ولا ضماناً من خطر هذا الشعب الذكي الغني الماكر -ويعني بهم اليهود!-).
فقال الشيخ عبدالله بن يابس رحمه الله تعالى: (بلى والله ، فقد أعطانا عدة ضمانات قاطعة بذلتهم وهوانهم:
الضمان الأول : قال الله تعالى : )لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ( (آل عمران:111).
يخبرنا تعالى بأن اليهود لن يضروا المسلمين إلاّ من طريق الدس والمكر والغدر، وأما المقابلة وجهاً لوجهٍ، وقوة أمام قوة، فقد طمأن الله المسلمين من غَلبِهِم، فقال: )وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ(، فإذا حصل الشرط حصل المشروط!، ومتى وقع القتال حصلت الهزيمة وتولية الأدبار، وعبّر تعالى بلفظ المضارع الذي يشمل الحال والاستقبال، فالهزيمة حاصلة لهم في كل زمن، وهذا حق تحقق، ويتحقق منذ أربعة عشر قرناً، ثم قال تأكيداً لهزائمهم: )ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ(، فأي بيان أصرح من هذا البيان، وأي ضمان أتمّ من هذا الضمان؟.
الضمان الثاني : قوله تعالى : )ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا( (آل عمران: من الآية112).
فهذه الآية تعطيناً ضماناً بأن الذلة مضروبة عليهم كما ضربت الخيمة على ساكنها، وكما ضربت الكتابة على الدينار والدرهم!، فقد أحاطت بهم ولزمتهم من كل جانب فلا انفكاك لهم عنها.
ثم قال : )أَيْنَ مَا ثُقِفُوا( أي أينما وجدوا، سواء في فلسطين أو في أمريكا أو في أوروبا، وسواء في الزمن القريب أو البعيد، ثم أردف ذلك بالبرهان بذكر هوانهم على الله الذي أوجد الكون، والذي يتصرف فيه، فقال: )وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ( (آل عمران: من الآية112)، فأي انحطاط أنزل من هذا الانحطاط لهؤلاء القوم؟، وأي ضمان أبين من هذا الضمان ؟!.
الضمان الثالث: قوله تعالى : )وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ( (آل عمران: من الآية112).
والمسكنة فقر القلب وحاجته!، وإذا كان القلب فقيراً فإن الضعف ملازم له، فهو يشعر دائماً بالمهانة ويتطلع إلى حماية الآخرين، والاعتماد عليهم كما هو حاصل لليهود!، وإنك إذا تأملت (لن) التي هي حرف نفي واستقبال في الضمان الأول: علمت صحة هذه الضمانات وصراحتها، وداعية اليهود ... لا يفهم آيات الكتاب، ولن يفهمها يهودي مناصر لليهود لا ينظر إلى القرآن إلاّ بمنظار اليهود، ومنظار نصر اليهود، ولذلك تراه يحاول بكل جهده أن يحرف الآيات ويؤولها، وإذا كانت هذه صفة اليهود فلن تكون لهم دولة، ولن تقوم لهم قائمة!.
الضمان الرابع: قوله تعالى: )وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ((المائدة: من الآية64).
وإذا كانت الأمة قد سجل الله عليها أنه لا مخلص لها من عداوة بعضها لبعض، وبغضة بعضها لبعض: فلن يجتمعوا على كلمة، ولن يتفرقوا على رأي!، فأنى تكون لهم دولة؟، وكيف توجد لهم عزة؟.
إن من يؤمن بهذه الآية إيماناً صادقاً يستيقن يقيناً جازماً: أنه لا تقوم لهم دولة ولا ترتفع لهم راية حقيقية، وأن الواقع اليوم بين اليهود يؤيد القرآن الكريم أكبر تأييد، انظر إلى خلافاتهم وتفرقهم تجد صدق كتاب الله، وصحة ضمانه.
وهناك ظاهرة نفيسة: وهي أن المسكنة التي في قلوبهم تدفعهم إلى الخوف من الفقر، وإلى حب المال، فمتى أظهر لهم مخلوق مالاً سواء أكان عدواً أو صديقاً: دلوه على كل شيء، وسمحوا له بكل شيء، حتى بأعراضهم لأهم عباد المادة، وعشّاق المال.
منقول