خصص البابا بنديكتوس السادس عشر اليوم الخامس من رحلة الحج التي يقوم بها الى الارض المقدسة لزيارة مواقع مقدسة للمسلمين واليهود في القدس، قبل أن يحيي قداساً مرتقباً بعد الظهر في المدينة المقدسة.
وبعدما تسببت تصريحاته حول المحرقة امس بخيبة أمل في اسرائيل، حيث وصفت "بالفتور"، والحادث الذي هاجم خلاله قاضي قضاة فلسطين اسرائيل، يواصل البابا نهاره من دون حوادث تذكر.
وبدأ البابا اليوم الثاني لزيارته الى اسرائيل بزيارة مسجد قبة الصخرة في باحة المسجد الاقصى، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الثلاثاء 12-5-2009. وأصبح بالتالي أول بابا يدخل المسجد الواقع في القدس الشرقية، التي ضمتها اسرائيل بعد احتلالها عام 1967. وقد خلع حذاءه قبل ان يدخل المسجد وكان في استقباله مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين.
ودعا البابا في كلمة ألقاها في الحرم القدسي بحضور المفتي الى تجاوز نزاعات الماضي وفتح الطريق امام حوار "جدي" بين الاديان.
وقال الحبر الاعظم "في عالم تمزقه الانقسامات، يكون هذا المكان بمثابة حافز يضع الرجال والنساء ذوي النية الطيبة امام تحد يحتم عليهم العمل على تجاوز الخلافات ونزاعات الماضي".
ودعا الى "فتح الطريق لحوار صادق يهدف الى بناء عالم من العدالة والسلام للاجيال المقبلة".
ومن جهته، دعا مفتي القدس والديار الفلسطينية البابا بنديكتوس السادس عشر الى "لعب دور فاعل" لوقف "العدوان الاسرائيلي" على الفلسطينيين.
وقال مفتي القدس "اننا في هذه البلاد التي غاب عنها الامن والسلام جراء الاحتلال الاسرائيلي نصبو الى يوم الحرية ونهاية الاحتلال وحصول شعبنا على حقوقه المشروعة ومنها اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم التي هجروا منها".
وأضاف "نتطلع لدور قداستكم الفاعل في وقف العدوان المستمر على ابناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا في القدس وغزة والضفة الغربية".
إجراءات مشددة
وفرضت اسرائيل اجراءات امنية مشددة على الحرم القدسي لمنع وقوع اي حادث خلال زيارة البابا، الذي توجه بعد ذلك الى حائط المبكى في القدس الشرقية، حيث وقف خاشعاً لدقائق ووضع رسالة في احد شقوق الجدار، عملاً بالتقاليد اليهودية.
ثم استقبله حاخاما اسرائيل الكبيران، لليهود الشرقيين (السفارديم) شلومو امار ولليهود الغربيين (الاشكيناز) يونا متسغر في كنيس القدس الاكبر بوسط المدينة.
وأكد البابا بنديكتوس السادس عشر في كلمته هناك ان التزام الكنيسة الكاثوليكية بالمصالحة مع اليهود "لا رجوع عنه".
وخاطب الحضور بالقول "تسنح لي الفرصة اليوم لأكرر ان الكنيسة الكاثوليكية تسير بلا رجعة على الطريق الذي اختاره المجمع الفاتيكاني الثاني من اجل مصالحة حقيقية ودائمة بين المسيحيين واليهود".
وأضاف "ان الكنيسة تواصل تثمين التراث المشترك للمسيحيين واليهود وترغب في تفاهم متبادل واحترام يتم ترسيخه من خلال دراسات الكتاب المقدس والدراسات اللاهوتية كما من خلال الحوارات الاخوية".
هجوم من التميمي
وأمس خلال لقاء في القدس بين البابا ورجال دين يهود ومسيحيين ومسلمين، هاجم الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين اسرائيل ما اثار استياء الفاتيكان. وأمسك التميمي بالمذياع خلال هذا اللقاء، طالباً من البابا ان "يضغط على الحكومة الاسرائيلية لتوقف اعتداءها على الشعب الفلسطيني".
ودعا التميمي المسيحيين والمسلمين الى العمل معا ضد الاحتلال الاسرائيلي، مطالباً البابا بـ"ادانة الجرائم" الاسرائيلية، في اشارة الى الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة بين كانون الاول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير الفائتين والذي اسفر عن مقتل اكثر من 1400 فلسطيني.
كذلك، طالب بإعلان القدس "عاصمة أبدية وسياسية ووطنية وروحية لفلسطين". وكان مقرراً أن يتلقى البابا هدايا في ختام اللقاء لكنه غادر القاعة قبل ذلك.
جاء ذلك اثر بعض الامتعاض الذي خلفته في اسرائيل تصريحات البابا حول المحرقة.
وجاء اليوم الثلاثاء في افتتاحية صحيفة "يديعوت احرونوت" الواسعة الانتشار انه "كان من الكافي التعبير عن الاسف. هذا كل ما كنا نريد سماعه، كان ينقص خطابك (البابا) الجوهر".